العدد 2 – يوليو- تموز 2023

223 |

واإلفساد في المنطقة العربية ال يأتي من هذا الباب فقط. فموقع فيسبوك، على سبيل من أجل التغيير في 2019 فبراير/شــباط 22 المثال، الذي كان أداة نضال في حراك الجزائر، تحوَّل إلى ساحة لتصفية الحسابات، والوشاية، والتخوين، والقذف والشتم، والتهكم والتنمر على الجميع، وأفرغ الفعل السياســي من محتواه بعد أن عم اليأس من تحقيق وعود الحراك. . يشــكِّل االســتقطاب السياســي واأليديولوجي والعاطفي عائقًا عويصًا في تحول 3 الميديا االجتماعية إلى مجال عمومي؛ وذلك لكونه سياقًا سياسيًّا وأيديولوجيًّا ديناميكيًّا يُحدث انقســامًا بين المواطنين ويؤدي إلى تشكيل قطبين متعارضين، أو أكثر، حول المســائل الفكرية والقضايا ذات الصلة بالشأن العام. ولئن كانت البحوث األمبريقية لم تصل إلى ما يثبت وجود عالقة ســببية بين االســتقطاب والميديا االجتماعية، فإن البعض يرجح وجود عالقة متبادلة بينهما. فالميديا االجتماعية يمكن أن تكون ســببًا .) 88 لالستقطاب الموجود في المجتمع، ونتيجة له، في آن واحد( تعمــل الميديــا االجتماعية على تشــكيل جماعات افتراضية تزداد تماســكًا بفضل " الهوموفيليا " االســتقطاب السياســي واأليديولوجــي والعاطفي عبر آليتين، وهمــا: )، وتعني ميل الشــخص إلى مثيله، أي إلى من يملك قواســم مشتركة Homophily ( معــه، مثل الظروف االجتماعيــة، والهوايات، واألفكار والمعتقــد، واللغة. وفقاعة الغربلة التي يقصد بها مجمل األخبار التي تقدمها محركات البحث ومواقع الشبكات .) 89 االجتماعية لألشخاص بناء على البيانات التي جمعتها عنهم دون غيرها( ، ومتابعة " الهاشتاغ " ويجســد االســتقطاب في شبكة تويتر، على ســبيل المثال، عبر تغريدات بعض األشــخاص ذوي الميوالت السياســية والفكريــة والثقافية األقرب لمشــتركي هــذا الموقع، وإعــادة توزيع تغريداتهم، وأيضًا مــن خالل ما يتيحه هذا الموقــع من روابط تحيل إلى المواقع الرقمية والنصوص، والشــرائط الفيديو، التي يتقاســمها األشخاص مع من يشبهونهم. وتزداد فاعلية مواقع الشبكات االجتماعية، مثل موقعي فيســبوك وتويتر، في إحداث االســتقطاب السياسي واأليديولوجي أثناء الحركات االجتماعية، وفي الحمالت االنتخابية. ففي االنتخابات الرئاســية األميركية سمح الموقعان للمترشح، دونالد ترامب، بشتم النساء وقذفهن، والتهجم 2016 عام العنصري على األقليات العرقية والدينية والمهاجرين من أجل تعزيز قاعدته االنتخابية

Made with FlippingBook Online newsletter