العدد 2 – يوليو- تموز 2023

243 |

مقدمة تُعــد مواقع التواصل االجتماعي مليئة بالتحيــزات الكامنة ذات التوجهات التجارية واأليديولوجيــة والسياســية، في مقابل مســتخدمين غير مؤهلين فــي الغالب لقيادة استخدامات واعية ومتحررة من تلك التوجيهات الخفية. وال يرتبط ذلك فقط بتوجه شــبكات التواصل االجتماعي نحو شــرائح اجتماعية واسعة ذات مستوى بسيط من التعليم، وإنما يعود ذلك أساسًا إلى تصميم مواقع التواصل االجتماعي بشكل يضمن إدمان المســتخدمين، ويوجههم نحو أشــكال بعينها من االستخدام تُغذِّي التوجهات التجارية لتلك المنصات. وباستثناء بعض القيود المعروفة على تداول محتويات بعينها (إباحية أو عنيفة مث ًلً...)، نالحظ غياب قواعد أخالقية واضحة لتنظيم استخدام شبكات التواصل االجتماعي، وهي فوضى أخالقية مقصودة، تُســهِّل على الفاعلين الكبار مهمة اســتغالل األفراد أخالقيات " وبيع خصوصياتهم تجاريًّا. كما يمكن وصف الضوابط األخالقية الحالية بـ ؛ إذ تقوم على تقييد أو حضر تبادل ونشر أنواع معينة من المحتويات. وقد " المحتوى يكــون االجتهاد في تطويــر أخالقيات ضمن هذا التوجه مهمًّا، لكنه غير كاف نهائيًّا لتأسيس أخالقيات فاعلة لشبكات التواصل االجتماعي. وأمام مســتخدمين غير مؤهلين بشــكل عادل، ومنصات تواصل اجتماعي مصممة بشــكل غير بريء وغير أخالقي، فإن الدراسة تتبنى فرضية مفادها أن االقتصار فقط على ضوابط اســتخدام تســتند إلى أخالقيات المحتوى ســيخدم في نهاية المطاف التوجــه التجــاري لتلك المنصات، ولن يســفر عن تغييرات عميقــة األثر في نتائج االســتخدام، ولن يمنع االســتغالل التجاري للمســتخدمين. لذا نحتــاج أن تُصمِّم شبكات التواصل االجتماعي نفسها بشكل أخالقي، يحمي المستخدمين من انتهاكات الخصوصية واالســتغالل التجاري من جهة، ويُسهِّل عليهم استخدام تلك المنصات بشكل أخالقي من جهة أخرى. وهنا، تحاول الدراسة اإلجابة عن إشكال محوري: كيف يمكن تصميم شبكات التواصل االجتماعي ببناء يساعد األفراد على استخدامها بشكل أخالقي دون أن ينتقص من حريتهم الشخصية؟

Made with FlippingBook Online newsletter