العدد 2 – يوليو- تموز 2023

23 |

تُعــد موازيــن القوى -في جميع المجتمعات- مُنْتِجَــة للمعايير االجتماعية إلى حد أن البعــض يعتبرهــا الحمض النــووي للمجتمعات. ويُعزى الســبب في ذلك إلى أن أولئك الذين هم في مواقع النفوذ يحاولون أن يُشــكِّلوا المؤسســات والقوانين وفقًــا لمصالحهــم واهتماماتهم. وفي الوقت نفســه كل من يطعن في هذه الموازين القائمة أيضًا يقوم بالطعن في ممارسات هذه المؤسسات. إذن، هناك عالقات القوة، والعالقــات المضــادة لموازين القوى القائمة التي تؤثر في المجتمعات، وتظهر هذه العالقات -عالقات موازين القوى- بشــكل أساســي في اإلعالم. ويوجد النفوذ في القدرة على االتصاالت والتواصل ويؤثر ذلك في المجتمعات بأســرها. هذا مفهوم بســيط، ألننا -نحن البشر- أشــخاص اجتماعيون، أي كائنات اجتماعية، نرغب في االتصــال باآلخرين على مســتوى عال وهو التواصل. وهــذا يؤثر في طريقة حياتنا وتصرفاتنا وتضامننا وحتى المواجهة التي قد تحدث بين بعضنا البعض. ويؤدي هذا التفاعل بين الناس إلى االســتقطاب فيما بينهم وبين المؤسسات. ويعتمد ذلك على التوافق وقدرة الناس على قبول هذه المعايير التي تحدثنا عنها لكي نســتطيع جميعًا التعايش. ولذلك، فإن نظام المؤسســات قد يُعتبَر مشــروعًا، لكن جميع المؤسسات هي جهات فاعلة تحاول أن تُعزِّز من فهمها من خالل إعادة النظر في هذه المفاهيم أو الطعن فيها. هناك عدة جهات فاعلة، والعبون يتفاعلون بشــدة مما قد يطرح مســألة المشروعية. كما أن بعض المجتمعات تعتبر هذه المؤسســات غير عادلة بالنســبة إليها، وتحاول الطعن فيها وأن تطرح قيمًا إضافية. إذن، هناك أزمة الشــرعية التي تعاني منها هذه المؤسســات وتؤثر في مجتمعاتنا، والعامل األساســي في ذلك هو الديناميات التي تحدث في مجال التواصل الذي يُعد أساسيًّا للقوى والنفوذ وأيضًا للمجتمعات. فهو (التواصل) يُنَظَّم ويُجْمَع لكي يُصبِح مكوِّنًا أساسيًّا للشرعية السياسية، وفي الوقت ذاته تؤثر هذه األزمة (أزمة الشــرعية) على مســاحة التواصل، بينما تؤثر مساحة التواصل نفسها في المؤسسات والقيم. وبالتالي نحن في أزمة مُؤَسَّسِية مستمرة. وفي التاريخ اإلنســاني، نجد أن تكنولوجيا االتصاالت تُتيح تشكيل مؤسسات اإلعالم والتواصل التي تُسيطر عليها المؤسسات السياسية، أي الدول، أو العالقات التجارية، أو األجهزة األيديولوجية.

Made with FlippingBook Online newsletter