| 296
الحية التي بثتها الجزيرة حصريًّا عن مشــاهد الحرب وتطوراتها، نجحت في تقديم نموذج إخباري مغاير ومختلف عن نماذج بعض الفضائيات الدولية. ففي الوقت الذي للحرب على أفغانستان تحجب " نظيفة " كانت القنوات الغربية تحاول أن تُقدِّم تغطية فيها اآلثار التي تخلِّفها على مستوى البنية التحتية وغيرها، وتُعتِّم فيها على المآسي الجنود " بطولة " اإلنسانية، وتركز على التطور التكنولوجي لللة العسكرية والحربية و -وقد حصل ذلك أيضًا في حرب الخليج الثانية والثالثة- نجد أن النموذج اإلخباري لقناة الجزيرة يُقدِّم من خالل التغطية المباشرة منظورًا إخباريًّا مغايرًا وبدي ًل يركز على الذي يمثِّل ضحية هذه اآللة العسكرية. وبذلك يكشف هذا النموذج كلفة " اإلنسان " الحرب وآثارها المادية واإلنسانية، وأيضًا تداعياتها السياسية واالقتصادية واالجتماعية. وبالرجوع إلى المادة األرشــيفية التي اعتمدتها الدراســة فــي المتن التحليلي، نجد أن الصورة اإلعالمية في تغطيات الجزيرة للحرب على أفغانســتان كانت تســير جنبًا إلى جنب التقرير الصوتي للمراســل، ولذلك تُعد جزءًا مركزيًّا من محمول الرســالة اإلعالمية إن لم تكن تمثِّل أساسه. كما أن اختيار الصورة الجيدة والمعبِّرة عن الحدث تقود إلى االقتناع بأن مراســل الجزيرة، تيســير علوني، كان يكتب للصورة ويجعلها حاملة الرواية الخبرية. ويتحدد النموذج التحليلي الثاني في تغطية الجزيرة للحدث األفغاني في تقرير إخباري ميدانــي؛ إذ تنقلنا كاميرا الجزيرة من خالله إلــى مكان حطام الطائرتين األميركيتين في والية غزني، اللتين أعلنت حركة طالبان إســقاطهما. ففي الموقع األول رصدت الكاميــرا حطــام طائرة مروحية متناثرة بمحيط المنطقة، أما الموقع الثاني فكان يضم .) 10 حطام طائرة مسيرة مصنوعة من األلياف الزجاجية( ملمحًا مهمًّا في " النَّفَس االســتقصائي " وما يســتوقف الباحث في التقرير هو حضور إعــداد التقرير التليفزيوني وفق النموذج اإلخباري المعتمد في قناة الجزيرة. فالتقرير المصور كان عبارة عن عملية تحريرية تقودنا الكاميرا عبرها لمعرفة تفاصيل جديدة عن ســقوط الطائرتين في موقعين مختلفيــن. ومع تواصل فصول الرحلة المصورة، نقــف على جملة مــن الوقائع المثبتــة بالصور الحدثية (من الحدث)، وشــهادات خاصة لشــهود عيان من مكان الحدث، إلى جانب شــهادات عناصر طالبان الذين كانوا يتحدثون عن غنائم.
Made with FlippingBook Online newsletter