العدد 2 – يوليو- تموز 2023

301 |

ليبدأ بعدها التركيز على المحاوالت المتعددة التي قام بها مواطنون " بهذا االحتالل عراقيون إلسقاط تمثال صدام حسين. وباســتمرار بث تفاصيل المشــهد، والمنظور الخطابي للمراسل، بدأت تتبلور معالم ســردية عربية. فقد أصبح الحدث فــي التغطية، بعدما تأكد احتالل القوات األجنبية لبغداد، هو ما يقع في ســاحة الفردوس بمنطقة الرصافة. ثم يتم االنتقال بعد ذلك لمشهد صغير من فندق فلسطين، حيث تحاول مجموعة من الشباب العراقيين تمزيق صورة صدام من على جدار الفندق، لكن الصورة تستعصي على التمزيق. وتتم العودة للمشــهد المهيمن وهو تمثال الرئيس العراقي، صدام حســين، الذي يأبى هو اآلخر الســقوط على أياد عراقية. فالصور تتكلم وتقول كل شــيء، ويأبى موفد الجزيرة إال بعد أن فشل العراقيون في تغيير نظام صدام وإسقاط تمثاله من " أن يقول هو اآلخر: . " قلب بغداد استنجدوا بالدبابة األميركية والجنود إلسقاط التمثال وبذلــك تتضح بعــض عناصر النموذج اإلخباري لقنــاة الجزيرة في تغطيتها لحرب الخليــج الثالثة، والتي تقوم على إبراز ســردية عربية في مواجهة ســردية غربية من خالل التغطية الحية والمباشــرة لألحداث المصيرية. ففي مواجهة الجندي األميركي الذي يحاول جاهدًا وضع العلم على وجه تمثال صدام، وابتهاج الرئيس جورج بوش ، برزت سردية عربية ال تزال " سي إن إن " االبن، وهو يتابع المشــهد من على شاشــة قائمة حتى اليوم، والتي نقل تفاصيلها موفد الجزيرة، ماهر عبد الله، وهو يتســاءل: بعد هذا السقوط السريع ووصول الدبابات الغربية إلى قلب بغداد لماذا ترفض صور " صدام أن تحترق؟ ولماذا تمثال صدام يأبى الســقوط؟ ولماذا هذا الســقوط السريع منذ البداية؟ ومن سيسد فراغ سقوط نظام الرئيس صدام حسين؟ وكيف سيؤثر هذا الحدث في الكثير من التفاصيل في العاصمة، بغداد، والعراق والعالم العربي وحتى الغربي بعد هذا اليوم؟ ويبدو من خالل هذه المعالجة اإلعالمية أن دينامية النموذج اإلخباري لقناة الجزيرة في حرب الخليج الثالثة، تتمثَّل في بناء ســردية عربية تختلف عن السرديات الغربية التــي كانــت ترى في دخول الدبابات األجنبية لبغداد حالة نصر ونهاية لنظام الرئيس صدام حسين الذي تمكن من بناء ترسانة نووية، وأصبح يشكِّل تهديدًا لشعبه ولإلقليم وللنظام الدولي بالكامل.

Made with FlippingBook Online newsletter