39 |
العمــوم، على معاييرنا الثقافية، وســيخلق تناولها، بالتأكيد، ثقافــة غير نافعة ومُنْبَتَّة عن مجتمعاتنا. وال شــك في أن تبنِّي الرســائل والمواضيع المُنْبَتَّة قد يؤدي إلى دفع مجتمعاتنا ألثمان باهظة وإهمال الحتياجاتها اإلنمائية األساسية. فالتحديث ال يتحقق بتبنِّي مشاكل المجتمعات المتقدمة التي ال عالقة لنا بها بشكل عام، وبدًل من تبنِّي القضايا التي تهمنا فإن النتيجة غالبًا ما تكون إهمال العمل على حل المشاكل الفعلية للمجتمع. وهنا يبرز سؤال مُلِح يجب تناوله والتفكير فيه عند مناقشة البنية األخالقية لمنصات التواصل االجتماعي في العالم العربي، أال وهو: هل من الممكن (وكيف) استخدام شــبكات التواصل االجتماعي بطرق أخرى غير تلك التي تســتخدم بها حاليًّا، حتى يتمكن هذا العالم العربي -على مســتوى الدول وكذلك األفراد- من الحفاظ على المزايا اإلنسانية المختلفة وزيادة فرص تمكين الضعفاء والفقراء، وحتى الجهلة، من المشــاركة الفعالة في القرارات التي تؤثر في حياتهم، ســواء أكان ذلك على مستوى المجتمع أم المستوى الفردي؟ ال تكمــن المشــكلة، التي تواجــه القيم الثقافية العربية في قضيــة حرية اإلعالم أو الفوضــى بقدر مــا تكمن في قضية حرية المواطنين وتأهيلهم في مجال المشــاركة الديمقراطيــة في مجتمعاتهم. فتطوير الكائنات الثقافية يتطلب بذل جهد للتحكُّم في تقدم التقنيات تحسُّــبًا للوصول إلى حالــة ال يمكننا معها التحكُّم في تلك التقنيات اقتصاديًّا، أو حتى إنســانيًّا. كما ينبغــي، أيضًا، توخي الحذر من تبنِّي مفهوم خاطئ للديمقراطية. يجب، أيضًا، أن ندرك المعضلة األبدية التي تواجه المجتمعات العربية وهي االختيار بين الفعالية والعدالة، وبين التأثير والحرية. كما يجب، أيضًا، إيالء المزيد من االهتمام لما أصاب المجال الثقافي واإلعالمي في العالم العربي من تلوُّث، خاصة وأننا بلغنا، بالتأكيــد، مرحلة متقدمة جدًّا في اســتيراد المنصات اإلعالمية ذات األثر األكبر في تلويث ثقافتنا وعقول الجماهير العربية. إن أهم قضية نحتاج إلى معالجتها، في هذا المسار، تتمثَّل في تقييم منصات التواصل االجتماعي المســتوردة في ضوء احتياجات مجتمعاتنا. ويتطلب هذا الهدف التركيز على التأثير االجتماعي لشبكات التواصل االجتماعي في المستخدمين، وكذلك تتبُّع
Made with FlippingBook Online newsletter