العدد 2 – يوليو- تموز 2023

| 40

عمل منصات التواصل االجتماعي والمشرفين على تشغيليها. فهذه المنصات تسمح باستخدام مزايا ووظائف مختلفة. ومن ثم، فمن المعقول الدعوة إلى تنظيم استخدام هذه الوســائل من خالل وضع سياسات تســتند إلى احتياجات مجتمعاتنا وتنبع من ثقافتنا، أو تكون في انسجام معها. لذلــك، فإنه من الضروري وضع ضوابط تســمح بمواجهــة هجمة الثقافة واإلعالم القادميــن مــن الخارج. ولتفعيــل هذه الضوابط، فإن األمر يتطلــب منا تنظيم تدفق شبكات التواصل االجتماعي والبرامج والمواد الثقافية التي قد يكون لها تأثير سلبي على مجتمعاتنا. ستكون هذه المقاربة سبي ًل لخلق منصة ثقافية وإعالمية عربية مشتركة منبثقــة من احتياجاتنا. ولكي ينجح هذا المســعى، يجــب أن نبدأ بتعزيز المقومات األساسية لوسائل اإلعالم االجتماعية واإلنتاج الثقافي في مجتمعاتنا. وممــا أدت إليه هيمنة منصات التواصل االجتماعــي المصمَّمة للجمهور المختلف ثقافيًّــا وأخالقيًّــا عن بلدنا، هو أن ميزان تبادلنا الثقافــي بات هو األدنى في معادلة التبادل الثقافي هذه، بل وقد انخفض مستوى ثقافتنا أيضًا. لقد أضحت ثقافتنا مجرد ســلعة تنســحب عليها نفس األحكام التي تنطبق على السلع المادية في نظام عالمي يهيمن عليه الغرب. كما أن النظام العالمي القائم حاليًّا يُضَيِّق مساحة المنافسة ويُسهِم في تقويض ســيادة الثقافة الوطنية في ســياق تضافر الضغوط الثقافية والقيم األجنبية المكثفة. لقد أضحت هيمنة القيم الغربية في برامج منصاتنا االجتماعية صاحبة اليد العليا ولها الهيمنة المطلقة، في زمن تمر فيه مجتمعاتنا العربية بمرحلة حداثة مشوشة وهو ما أثَّر بعمق، ليس فقط في بنية تربيتنا المدنية، بل حتى في بنية أُسَرِنا. نجد أن عامة العرب يُروِّجون للثقافات األجنبية، وهكذا تُسهِم وسائل اإلعالم القائمة في النظام العالمي الحالي في جعل الثقافة الوطنية غريبة عن الشخص العربي العادي. ، والتي يتم أثناءها التقليل " عملية التحديث " وعادة ما يتم ذلك في ســياق ما يُســمَّى من قيمة الثقافة الوطنية وتحويل اهتمامها نحو العالمية؛ حيث تختفي القيم والفنون التقليدية التي من شأنها توطين ثقافتنا العربية، ومن ثم تمتزج الثقافة الشعبية الغربية بثقافتنا الشعبية، بل وتبتلعها أحيانًا. لذا، ينبغي علينا جعل النهوض بإمكانيات التواصل اإلنســاني العربي منســجمًا مع احتياجــات التنمية الوطنية. كما أن ثمة حاجة إلى وضع تصور طويل األجل لحزمة

Made with FlippingBook Online newsletter