العدد 2 – يوليو- تموز 2023

| 448

االنعتــاق والحرية وتأكيد الذات، وفي هذا الســياق أصبحــت القناة أكثر من مجرد وســيط جماهيري، بل، كما يشــير الباحثون، غدت ظاهرة سياسية وثقافية في العالم العربي. ومن النتائج التي خلصت إليها األطروحة أن قناة الجزيرة قامت عبر خطابها اإلعالمي نصًّا وصورة بتشكيل رؤية محدَّدة لألوضاع، وإظهار تناقض الطرف اآلخر، وتحدِّي الرؤية األميركية بشأن مجريات األحداث عبر التركيز على الحصار اإلعالمي، الذي كان يهدف إلى تطويق المعلومات التي ال تتفق مع الرؤية السابقة. كما وظفت الجزيرة مجموعة من اآلليات الخطابية في تقاريرها، مثل خطاب الخبراء المختصين في المجاالت العســكرية والحربية، واســتعانت بالشــخصيات السياسية المعروفــة ذات العالقــة باألحداث، وبأفراد من المجتمــع المدني، وتَبَنَّت في ذلك ، الذي يتضامن مع الحدث وشــخصيات الحدث أو المفعول بهم " نحن " خطاب الـ . وتَغِيب الحدود أحيانًا بين المُرَاسِل وما يقوم بتغطيته من " فاعلين " ضد مَن يُصَنِّفُهم تفاصيل الصراع، فض ًل عن االعتماد على االفتراضات المسبقة، والمقارَنة، والتعميم، والتشــكيك، واالفتراض، والتركيز، وتوظيف األصوات والمصادر واألساليب الفنية وتلك السردية المعتمِدة على الحِجَاج للتأثير في وجهات نظر الجمهور. وترى الدراســة أن خطاب التحدِّي للقوة المتقدِّمة ماديًّا وإعالميًّا لم يكن له وجود مســبق في الخطاب اإلعالمي العربي. فالقنوات العربية قبل الجزيرة لم تكن تهدف إلى تحدِّي الخطاب اإلعالمي المحلِّي، أو الخطاب الدولي المُهيمِن. وما كان سائدًا هو خطاب المُهَادَنة أو المُوَافَقة، أو خطاب الدبلوماسية، ويمكن تعليل نشوء خطاب التحــدِّي فــي قناة الجزيرة إلى القدرات االتصاليــة والتكنولوجية للقناة التي مَكَّنَتْها من الوصول إلى مصادر الحدث، ونقلها عبر مراســليها ومصوريها، إلى جانب اتِّبَاع القناة لسياسة مختلفة عن القنوات الرسمية األخرى من ناحية تَحَلُّلِها إلى حَد نسبي من ضغوط الجهة المُمَوِّلَة. وتشير نتائج الدراسة أيضًا إلى أن السمة األبرز لخطاب الجزيرة اإلعالمي تجلَّت في قدرته المادية والتقنية على الحضور في ميادين المعركة، وتمكُّنــه مــن أدوات العمل اإلعالمي، ومعنويًّا في قدرته على التحدي والتشــكيك واســتجواب الســلطات المهيمِنة، وســواء أكانت هذه الســلطات المهيمِنة غربية أم عربيــة، إال أن وجــود هذا النوع من الخطابات وباإلمكانات المادية والبشــرية التي

Made with FlippingBook Online newsletter