| 52
وعلى الرغم مما تشــير إليه هذه الدراســات كل واحدة من جهتها إلى أن التهديدات لحرية اإلنترنت في تزايد مســتمر، وهي على درجة واســعة من التنوع وكذلك إلى معارضة مســتخدمي اإلنترنت ومواقع التواصل االجتماعي لهذه التهديدات مما دفع بكثير منهم إلى البحث عن طرق لتجاوز هذه القيود واستخدام قوة المنصات الجديدة القائمة على اإلنترنت واإلقبال المتزايد عليها قصد الترويج لديمقراطية أكثر في التعبير وأكثر ارتباطًا بحقوق اإلنســان، إال أن تلك الدراسات اتسمت باالختصار من حيث العينة المدروســة، بل غيَّبت بشــكل صارخ قضية الحرية الرقمية في فلسطين، حيث .) 5 ال إحالة عليها ال تصريحًا وال تلميحًا( ولســائل أن يســأل عن الكيفية التي يتم من خاللها كتمان حرية التعبير عبر الوسائل الرقميــة وشــبكات التواصــل االجتماعي مــن منظور داخلي. ثــم إن هذا المنظور المعتمــد بشــكل أساســي في األدبيــات الغربيــة الناطقة باأللمانية تحت مســمى )، والســائد في الدراسات الكمية والنوعية على حد سواء، من Innenperspektive ( شــأنه الكشف عن عمق المدى اإلشــكالي للقضية المطروحة، وهو ما يقابل حركة الســعي التي يعتمدها الباحث لفهم عناصر تكوين ما من الداخل حتى إذا ما باشــر حركتها في ســياقات ما فهم ما لها وما عليها في هذه العناصر في مجمل التكوين وما جعلها تكون على ذلك النحو بتوافر األسباب. مــن منظور داخلي يقوم المتحكِّمون في شــبكة اإلنترنت بحملة لتقســيم اإلنترنت المفتــوح إلــى ما يمكن أن نُســمِّيه خليطًا مــن الجيوب القمعيــة، وبموجب ذلك تمارس الحكومات -وكل من يمكن أن يلعب دورًا رقابيًّا بالمفهوم الفوكوي نســبة )- أكثر من أي وقت مضى Michel Foucault إلى الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو ( فعل الســيطرة على ما يمكن لألشــخاص الوصول إليه ومشاركته عبر اإلنترنت عن طريق حظر مواقع الويب األجنبية، وتخزين البيانات الشخصية، وتركيز البنية التحتية التقنية لبلدانهم لتكون موائمة لهذه االتجاهات؛ األمر الذي قد يؤدي إلى تراجع حرية اإلنترنت العالمية. وقد وصلت الرقابة على اإلنترنت إلى أعلى مستوياتها، وذلك مع قيام عدد قياسي من الحكومات بحظر المحتوى السياسي أو االجتماعي أو الديني. وغالبًا ما تُســتهدف مصادر المعلومات الموجودة خارج حدودها بشــكل كبير، ألن هذه المصادر قد تلعب دورين متالزمين هما تهييج الداخل، والتشــهير به ثانيًا على نطاق خارجي.
Made with FlippingBook Online newsletter