العدد 2 – يوليو- تموز 2023

53 |

ومن منظور إحصائي، يعيش أكثر من ثلثي مســتخدمي اإلنترنت في العالم اآلن في بلدان تُعاقب فيها الســلطات األشــخاص لممارســتهم حقهم في حرية التعبير على اإلنترنت. كما أن المثير للقلق أن هذه االنتهاكات المعادية للديمقراطية ليست العامل الوحيد وراء انقسام اإلنترنت إلى قطاعات مسموحة وأخرى محظورة؛ إذ من الواضح أن بعض الحكومات تزرع مســاحة رقمية محلية تُهيمِن فيها الروايات التي تدعمها الدولة، وتُقمَع فيها وسائل اإلعالم المستقلة والمجتمع المدني واألصوات المهمشة بسهولة أكبر. ويتزايــد القلق والطابع اإلشــكالي في القضية المطروحــة عمومًا بمجرد االنتباه إلى وجود أطراف هم في العادة غير مرتبطين مباشــرة بســلطة الرقابة فيساهمون عن غير قصد في الحواجز من خالل جهودهم لمعالجة المعلومات المُضَلِّلة وحماية بيانات المستخدم وردع الجرائم اإللكترونية. ومهما كانت األهداف والغايات التي تحكم أي فعل رقابي مقصود أو غير مقصود، فإن ذلك يؤدي إلى التجزئة المتزايدة لإلنترنت، وتترتب عنه عواقب وخيمة على الحقوق األساسية من جهة، وتعميق سلطة المشرفين الذين يسعون بشكل دائم إلى احتواء المعارضة عبر اإلنترنت من خالل منع المواطنين مــن الوصول إلى مصادر المعلومــات العالمية من جهة أخرى. ولكي يكون الطابع اإلشكالي لمعالجة القضية المدروسة أكثر وضوحًا وجب التنبيه إلى أن مسألة كتمان الحرية هي جزء من منافســة عالمية متعددة األوجه للســيطرة على المجال الرقمي. ومن هذا المنطلق، يمكن القول: إن واقع التضييق هو أكثر حدة وإشكالية في عالقته بالقضية الفلسطينية التي تواجه أشد أنواع التضييق وأكثر أشكال القيود على الحقوق .) 6 والحريات( وفي قراءة من مدخل حقوقي، يمكن القول: إن جميع هذه القيود المفروضة تشكِّل لكل " انتهــاكًا واضحًــا لإلعالن العالمي لحقوق اإلنســان الذي يُقنِّــن الحق في أن شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق اآلراء دون مضايقة، وفي التماس األنباء واألفكار وتلقِّيها ونقلها إلى اآلخرين، بأية وسيلة .) 7 ( " ودونما اعتبار للحدود ومما ال شــك في قيمته الجوهرية أن مســألة الحقوق الرقميــة تُعد امتدادًا لحقوق اإلنسان وفلسفتها واإليتيقا التي تحكمها. فهذه الحقوق تتنزَّل -كما ذُكِر آنفًا- ضمن

Made with FlippingBook Online newsletter