العدد 2 – يوليو- تموز 2023

| 54

الســياق التطوري الذي يخضع إليه فعل الوجود اإلنساني، والذي يترجم من مدخل الزمانية، وهو تعبير صريح عن حاجة إنسانية ماسَّة في عصر الرقمنة الذي يجب أال يكون حكرًا على مجموعة دون أخرى، وأن يلحق ما هو إنساني في كليته بعيدًا عن منطق التجزئة الفردية. وفي هذا اإلطار، البد من اإلشارة إلى أن القانون يحتاج إلى تكييف لحماية الحقوق األساسية وضمانها. فالحقوق الرقمية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحرية التعبير والخصوصية؛ إذ إنها اليوم تتنزَّل منزلة الضرورة التي تســمح لألشــخاص بالوصول إلى الوســائط الرقمية واســتخدامها وإنشــائها ونشــرها، فض ًل عن الوصول إلى أجهزة الكمبيوتر .) 8 واألجهزة اإللكترونية األخرى وشبكات االتصاالت واستخدامها( على هذا األساس، يجب أن تكون هذه الحقوق -في فلسفتها وفي ضبطها التشريعي- معترفًا بها ومحمية بموجب القوانين والمعاهدات الدولية. فقد أقرت األمم المتحدة ومجلس حقوق اإلنســان عددًا من القرارات التي تنص على أن نفس الحقوق التي يتمتع بها الناس في العالم الواقعي، يتوجب حمايتها أيضًا على اإلنترنت. ويشــمل هــذا المصطلح الحق في حرية التعبيــر، والحق في الخصوصية، والحق في التحرر من الرقابة على اإلنترنت، والحق في الوصول إلى شــبكة اإلنترنت التي تشــكِّل في مجملها المفاهيم األساســية للحريات الرقمية وفلسفتها، وجزءًا ال يتجزأ من حقوق .) 9 اإلنسان على عكس ما يذهب إليه كثيرون في اعتقادهم( وبالرغم من أهمية هذه الحقوق ووضوحها إال أن شبكات التواصل االجتماعي على اإلنترنــت تواصل حربها ضد المحتوى الفلســطيني، من خالل حظر وإغالق معظم الصفحات الفلســطينية التي تنقل الرواية الفلســطينية، وتفضح ممارســات االحتالل اإلســرائيلي بحق الفلسطينيين. وحتى الدراســات التي تتناول مسألة الحرية الرقمية -كما أسلفنا الذكر- ال تشير إلى فلسطين، وتنتهج منهج االختصار وعدم التوضيح. انطالقًا مما ســبق بيانه يتضح بجالء عمق المدى اإلشــكالي لمســألة العدوان على الحقوق الرقمية الفلسطينية. فالظاهرة مركَّبة إلى حد التعقيد في خصوصيتها الفلسطينية وفي عالقتها بقضية الحريات الرقمية والتحكُّم فيها عمومًا.

Made with FlippingBook Online newsletter