| 62
الذي يعد 2010 والقدرة على الســيطرة، وإن بدا هذا األمر كذلك خاصة قبل العام حدثًا قادحًا؛ إذ يمثِّل تاريخ اندالع ما يسمى بالربيع العربي الذي غالبًا ما يُصوَّر على أنه دخول وحشــي ألنظمة المنطقة العربيــة في العصر الرقمي الجديد، وكأن منطقة جغرافية كبيرة كهذه يمكن إخراجها منه. هذا إذا ما سلمنا جد ًل بأن من يكتب ينطلق من خلفية التفوق تكنولوجيًّا ضمن رؤية تقرن بين التكنولوجيا والحضارة بالتالزم أو التوالد. ومهما يكن من أمر ذلك فمسألة الخمول التكنولوجي حاصلة ال محالة في .) 14 تقدير من يقدر وذات مدى تأثيري غير قابل لإلنكار( ونتيجة للتحول المشــار إليه ســابقًا في مدى اســتخدام وسائل التواصل االجتماعي ، يتضح بجالء أن هذه التطبيقات التواصلية أصبحت تلعب 2010 خاصــة بعد العــام دورًا رئيسيًّا في إعالم وتعبئة وتنظيم حركات فكرية ونضالية وإنسانية تمتد من دولة إلى أخرى بغض النظر عن الحدود. هذا فض ًل عما بثته من آمال وأمنيات في التحرر كما هي الحال مع القضية الفلســطينية؛ إذ أسســت لشعور بالثقة في الذات. لكن في المقابل أدى انتشار استخدام التطبيقات بكل ما فيه من أمل وعزم بدوره إلى تعاظم دور الرقابــة. وبالرغــم من كل ما قيــل فإن هذا التطور الرقمي لم ينبثق من صحراء رقمية. إنه، بطريقة ما، إرث التطور البطيء للصحافة العابرة للحدود والقنوات الفضائية وظهور وسائل اإلعالم عبر اإلنترنت التي سمحت بظهور شبكة ويب جديدة ونشيطة .) 15 مما أعطى مكانة بدرجة الفخرية للمدونات ثم تطبيقات الوسائط االجتماعية( على هذا األســاس، فإن تزايد الرقابة على المحتوى الفلســطيني بتنوعاته كما يظهر ) يُعد نتيجة طبيعية النخراط الطرف الفلســطيني -كغيره في المنطقة 1 في الجدول ( العربيــة- في مســار الثورة التكنولوجية واالســتعمال المكثف لشــبكات التواصل االجتماعي بدي ًل عن اإلعالم التقليدي وبدي ًل عن أســاليب المواجهة القديمة. ولئن تغيرت هذه األســاليب ورســمت أفقًا آخر يوسع من مفهوم إطار الصراع فإن الفعل الرقابي في جوهره يُعد أكثر رسوخًا في ممارسات السلطة وإن تبدلت مظاهره، كما نظَّر لذلك ميشيل فوكو الذي اعتبر أن ثمة ثالث طرائق رئيسية في المجتمع الرقابي الحديث؛ تتمثَّل األولى في اتباع كل كيان في النظام لكيان أعلى بشكل متدرج هرمي من خالل التفاوت الحاصل في األدوار. وهذه التراتبية قد تكون ظاهرة ماكروفيزيائية أو مخفيــة ميكروفيزيائية. أما الطريقة الثانية فهي اإلصالح تأديبيًّا، وتتبع المجتمعات
Made with FlippingBook Online newsletter