63 |
الحديثــة، أو باألحــرى يتحكَّم في العالقة بين صاحب الســلطة ومن تمارس عليه هذه الســلطة ثنائية الفرض والتطبيع، بمعنى أن الســلطة تسعى في عملها إلى فرض القانون وعادة ما يكون سائدًا ليسري في التداول بين الناس وقد يلحق حتى المناهج التعليمية. وتتمثَّل الطريقة الثالثة في الفحص، وهي تجمع بين الطريقتين الســابقتين .) 16 وتسمح بتوجيه اآلراء والمواقف بناء على ما تريده السلطة أن يكون( من هذا المنطلق يُشــرع في تبيُّن اإلجراءات الرقابية على المحتوى الفلســطيني في عملية إحياء لنظرية فوكو التي لم تُطرح ضمن أنظمة الســلطة التي عالجتها مســألة وسائل التواصل االجتماعي وهذا ليس خل ًل بطبيعة الحال؛ إذ إنها جاءت في سياق مخصوص. ولو واصل فوكو عمله وامتد إلى الفترة الراهنة لكانت وسائل التواصل االجتماعي في مقدمة أجهزة السلطة. فآليات من قبيل الحذف والحظر واإلغالق أو التبليغ تتَّبِع في اشتغالها النسق الذي رسمه فوكو في نظريته. ) تتمثَّل في حذف محتوى يُوثِّق 1 فالحالة األولى على ســبيل المثال في الجــدول ( اعتداء الشــرطة اإلســرائيلية؛ يعبِّر عن إجراء فحص للمحتوى المذكور ويأخذ في االعتبار وجود قانون ســائد يجب التطبيع معه، وهو أن الشــرطة اإلسرائيلية تمارس عملها الطبيعي في مقاومة الشــغب وليــس القمع كما في تقدير الطرف المقابل في إطار الصراع، وكل تجاوز لهذا القانون -أي قانون مكافحة الشغب ونقده والتشهير به- هو ضد عمل جهاز الشــرطة في مكافحة الشــغب. هذا فض ًل عن كونه فضحًا لسرية العمل األمني، ينضاف إلى ذلك ما يعرف عن هذا الجهاز من كونه ذا وجود منطقــي وإلزامــي في الدول، وهو موضوع ألجــل العامة لحمايتها وفرض حالة من االستقرار تسمح بممارسة الحياة بشكل طبيعي ومنظم. على هذا األساس، فإن فحص المحتوى يتم بشكل ظاهري من قبل الوسيط التواصلي تحت غطاء الموضوعية كما يشــرَّع لذلك في سياســات االستخدام وقد يُتعامل مع المحتوى باعتباره حام ًل لمشــاهد عنف ال يقبلهــا كل المتلقين بنفس الدرجة وفي ذلك موضوعية أيضًا، لكن هذه الموضوعية تنطوي على تحيز كبير ومن شأنها إخفاء جزء كبير من الواقع الفلسطيني المؤلم، هذا فض ًل عن الشروع في ممارسة المعاقبة باعتبارها خطوة طبيعية لفعل الفحص. أما عن الحالة التاسعة فتتمثَّل في اإلبالغ عن المحتوى لفترات تعبِّر في عمقها عن
Made with FlippingBook Online newsletter