العدد 2 – يوليو- تموز 2023

| 64

الرقابة الممارسة عبر أجهزة السلطة الميكروفيزيائية غير الظاهرة في العلن، ذلك أن التبليغ عملية ســرية يباشرها المحتكر للسلطة وعبرها يتمكن من فرض منهجيته في تصريف الواقع وكذلك روايته الرسمية. إن هذه األدوات الرقابية واإلســتراتيجيات الخاضعة لها تكشــف عن عمق الصراع وتأججه بدرجة تفوق ما هو عليه في الواقع. فلئن كانت المواجهات المباشرة رغم تكرارها تتســم أحيانًا بالسكون واالســتقرار فإنها في الفضاء االفتراضي ليست ثابتة على حال بل في تطور دائم، السيما إذا ما نُظر إلى إستراتيجيات المراقبة والتحكُّم من منظور آخر خارج دائرة المحدد الفوكوي. تجدر اإلشــارة إلــى أن الصراع الفلسطيني-اإلســرائيلي الذي انتقل إلى شــبكات التواصل االجتماعي يُجســد نقطة ســاخنة في مسار تشــكُّل إطار الصراع، ومن هنا يمكن فهم أسباب الحذف والتبليغ وكل أشكال العدوان على المحتوى الفلسطيني. فهو ليس مجا ًل للفعل بمفهومه المادي في إطار ما هو افتراضي، بقدر ما هو مجال للفعــل بمفهومه القولــي، ويفرض حالة نفي للتقاتل الذي قد تتكاثف حوله األهواء والتقييمات والمشــاعر حتى ولو كانت إنسانية فضلى وهو أيضًا غير خاضع لتفاوت في العدد أو في القدرة على مســتوى العتاد والســ ح، ألنه في نهاية األمر يفرض نسقًا من تحاور األفكار واآلراء التي تلعب على خلق تأثير فاعل لدى المتلقي، كما يسمح بإتاحة فرصة لفهم القضية وإنصاف أطراف الصراع على عكس ما يوجد في الحرب من تقاتل وما يصاحبها من فوضى في تلقي مختلف األحداث. وقد شرعت بعض الدراسات بالفعل في البحث عن محامل جاهزة وهادئة لقراءة إطار الصراع حيث يهدف بعض الدارسين إلى البحث في الكيفية التي تجعل من الكلمات المنطوقة ســببًا ومبررًا الستبعاد اآلخر من أجل خلق استجابة بشكل أفضل لمطالب مجموعــة رأي ما وللتعامل العقالني مع التهديــد الذي يمثِّله رأي الخصم ومواقفه ). فهذا الصنف من الدراسات يركز 17 وممارساته وربما لتبرير استخدام العنف ضده( أساسًا على اإلستراتيجيات الخطابية المعتمدة في المحتوى الذي ينشر عبر شبكات التواصل االجتماعي. لذلك يُالحظ، خالل تحليل تمثيالت الصراع اإلسرائيلي-الفلســطيني على فيسبوك، تكرار موضوعات من قبيل أوجه التشابه التي تم رسمها مع الحرب العالمية الثانية، وخاصة الحقبة النازية األلمانية.

Made with FlippingBook Online newsletter