العدد 2 – يوليو- تموز 2023

67 |

ولعل أركان هذا الصراع المتجدد في إطار القضية التاريخية الدائمة أكثر دقة وعمقًا دالليًّا ضمن المســار النضالي العام، لكن أزمة العدوان اإلسرائيلي لم تنفك تمارس ضغوطــات وإجــراءات رقابية مســتغلة في ذلك تحيز اإلدارة األميركية وسياســات الخصوصية التي وضعتها الوســائط التواصلية للتضييق على الكلمة الحرة في اعتداء صــارخ علــى حرية التعبير التي البد أنها تطورت بموجب التطور التكنولوجي الذي لحق مختلف أصقاع العالم بدرجات متفاوتة. تتنوع وســائل التضييق وأشكال العدوان وتكشــف المنشورات على مواقع فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها عن إســتراتيجيات خطابية ترســم فــي مجملها إطارًا عامًّا للصراع. فهي تكاد تكون غير قابلة للحصر العددي أو المضموني، كالحذف والحظر القدس " أو " الشهيد " واإللغاء والتبليغ ورفض استعمال مصطلحات وعبارات من قبيل وغيرها من المصطلحات والعبارات التي تتشكَّل في سياق األزمات " عاصمة فلسطين . وقد يصل األمر إلى الحيلولة دون إنشاء المحتوى حيث " الهاشتاغ " تحت ما يسمى بـ تعمد سلطات االحتالل اإلســرائيلي إلى محاصرة الناشطين والمدونين والصحفيين الفلســطينيين ومصادرة معدات عملهم واعتقالهم وتنظيم المحاكمات لهم مما يذكِّر بما ضربه فوكو في صلب نظريته عن الســلطة وأدوات تحكمها فيمن يعيشــون في كنفها وفي أفق ثنائيتي المعرفة والسلطة والمراقبة والمعاقبة. ولتفادي العدوان اإلســرائيلي على المحتوى اإللكتروني يســعى الفلســطينيون إلى تحدي خوارزميات شــبكات التواصل االجتماعي عبر المراسالت والتشهير واإلدانة وابتداع شــعارات ورموز تجعل المحتوى الذي ينشــرونه يستمر في الظهور، ويحتل الصــدارة في األخبار العالمية، ويكون بذلك مصدرًا بدي ًل للخبر اإلعالمي. إن هذه اإلجراءات الدفاعية التي يبتدعها الفلسطينيون يوميًّا لتفادي العنف اإللكتروني والتآمر على قضيتهم من شأنه أن يفتح الباب أمام مجاالت ودالالت بحثية جديدة وأن يلفت النظر إلى مفهوم جديد للصراع. كما تجدر اإلشارة إلى أن اإلجراءات الدفاعية التي ينتهجها الفلسطيني اليوم يجب أن يعضدها غطاء قانوني يتمثَّل في السعي إلى تفعيل الضمانات الحقوقية الدولية الالزمة لممارسة حرية التعبير وحق الحياة الخاصة، وفي التراسل بشكل خاص دون تدخل أو تعســف. وهذا ينطبق بشــكل صريح على استعمال شبكات التواصل االجتماعي؛

Made with FlippingBook Online newsletter