75 |
مقدمة في ظل االنتشــار الواسع لشبكات التواصل االجتماعي، وتحوُّلها إلى وسائط سائدة يســتخدمها األفــراد والجماعات والمنظمات وحتى الدول، فَقَــد النموذج التقليدي لالتصــال الذي يجعل المتلقي هدفًــا للعملية االتصالية فاعليتَه ونجاعتَه. وبرز أيضًا دور الشبكات في التدفُّق االتصالي بأشكاله الرمزية المختلفة؛ إذ ظهر مفهوم اإلعالم الفردي الذي ســمح للمستخدمين بامتالك وسائل إعالمهم الخاصة (منصات إذاعية وقنوات تليفزيونية رقمية...) عبر النفاذ لشبكات التواصل االجتماعي، فأصبح المتلقي منتجًا ومرسًل وموزعًا ومؤثرًا في المجال العام التقليدي والرقمي. واهتم بعض الدراســات اهتمامًا كبيرًا بتأثير هــذه المنصات في ديناميات األحداث السياسية وتطوراتها كما حدث في فهم وتفسير الحالة السياسية العربية التي نشأت في . فظهر بعض المصطلحات التي تصف 2011 سياق ما سُمي بالربيع العربي أوائل العام خصوصية هذه الحالة، وتشير إلى أهمية المتغير التكنولوجي/الرقمي في التحوالت وغيرهما؛ إذ مكَّنت الشبكات مستخدميها " ثورة فيسبوك " و " ثورة تويتر " السياسية، مثل من امتالك وسائل لالتصال والتعبئة لطالما ظلت تحتكرها السلطة ورموزها السياسية واالجتماعية والثقافية في نشر الخطاب الرسمي والترويج ألطروحاته ودعايته. Jean ، كما يُســمِّيه األكاديمي جون ماري شينو ( " الخطاب التقني المتفائل " إزاء هذا ) -الذي يعكس رؤية حتمية في العالقة بين التكنولوجيا والمجتمع ويرى M . Chenou والتطبيقات الرقمية وشــبكات التواصل االجتماعي تعزيزًا لديمقراطية 2 فــي الويب االتصال والمشاركة السياسية وتقدمًا نحو الديمقراطية- برز أيضًا خطاب تقني نقدي يعتبر تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت وشبكات التواصل االجتماعي أدوات تُسهِم في ظهور االستبداد بالمعنى الكالسيكي للمصطلح، والتضييق على الحريات. ويصف أسلحة " هذا الخطاب النقدي خوارزميات الشبكات االجتماعية والمنصات الرقمية بـ خوارزميات " )، أو Cathy O’Neil ، كما ورد في دراسة كاتي أونيل ( " الدمار الحسابي ). وهكذا انتقلت شــبكات Safiya Noble ، مثلمــا ترى الباحثة صفية نوبل ( " القمــع التواصل االجتماعي -بحسب حجج هذا الخطاب وأدلته البرهانية- من أداة للتمكين
Made with FlippingBook Online newsletter