77 |
بيــن متغيــرات الفرضية التي تنطلق منها هذه الدراســة؛ إذ يســمح النفاذ التفضيلي في شــبكات التواصل االجتماعي بتحكُّم الذات المتكلمة/المُخَاطِب في مؤشــرات السياق وإنتاج الخطاب المهيمن. أما النفاذ المُقَيَّد لنشاط وحركة المستخدمين فيَحْرِم الــذوات األخرى/المُهَيْمَن عليها من حرية التعبير والمنع من الكتابة والتعليق. ففي ســياق الحرب الروســية-األوكرانية، أفسحت شبكة فيســبوك في المجال لخطاب مناهض للجيش الروســي في أوكرانيا، واســتثنته من ضوابطها وقواعدها التي تمنع أي محتوى يدعو إلى العنف والكراهية. بينما فرضت إدارة فيسبوك نفسها ومنصات أخرى قيودًا على الحســابات الرســمية لبعض وســائل اإلعالم الروسية (قناة زفيزدا المرتبطة بوزارة الدفاع، ووكالة األنباء نوفوســتي...)، ولم تســتثن هذه القيود أيضًا بعض األفراد في اســتخدامهم لشبكات التواصل االجتماعي. وفي انتخابات الرئاسة ، قرَّر بعض هذه المنصات (فيسبوك، إنستغرام، تويتر، يوتيوب) 2021 األميركية، أوائل إغالق حســابات الرئيس دونالد ترامب، الذي وجد نفســه ممنوعًا من النفاذ لتلك الشبكات واستخدامها في التواصل مع أنصاره وقاعدته االنتخابية. وقبل ذلك، وفي ، 2009 ، عام " الحركة الخضراء " ذروة االحتجاجات التي شــهدتها إيران فيما سُمِّي بـ طلبــت إدارة الرئيس أوباما -عبر مستشــار وزيــرة الخارجية، هيالري كلينتون- من شبكة تويتر تأجيل الصيانة من أجل عدم المساس بوسيلة مهمة يستخدمها المحتجون (أنصار زعيم الحركة، مير حسين موسوي) في تغطية األحداث ونقل صورة الوضع الداخلي إلى العالم الخارجي. وتبــدو األحداث التواصلية المرتبطة بالقضية الفلســطينية أكثــر األفعال الدالة على العالقة االرتباطية بين متغيرات الفرضية التي تُؤَسِّس لمنطلقات الدراسة؛ حيث تَبرُز بوضوح القيود التي تفرضها شبكات التواصل االجتماعي (النفاذ المقيد) في حصار الرواية الفلسطينية بشأن االنتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الفلسطينيون من قبل جيش االحتالل اإلسرائيلي وسياساته. فتمارس أشكا ًل مختلفة من السلطة والسيطرة على الخطاب الفلسطيني، سواء الذي ينتجه المستخدمون أو وسائل اإلعالم التقليدية والرقمية، والتحكُّم في سياقات إنتاجه عبر الحذف والحجب والمنع وإلغاء الحسابات الشــخصية (مَن يُدوِّن أو يكتب؟ وماذا يكتــب؟ وكيف يكتب؟ ومتى يكتب؟ وأين يكتب؟ ولمن يكتب؟). في المقابل، تسمح هذه الشبكات للمستخدمين اإلسرائيليين بالنفاذ التفضيلي الذي وظَّفه عدد من الصحفيين وكتَّاب الرأي، فض ًل عن مؤسســة
Made with FlippingBook Online newsletter