87 |
أما المفاهيم النقدية لأليديولوجيا فتحمل معنى سلبيًّا أو نقديًّا أو ازدرائيًّا ألطروحات الفكر األيديولوجي، وتعتبر الظواهر األيديولوجية مُضَلِّلَة أو خادعة أو أحادية الجانب، كمــا تحمــل هذه المفاهيم في طياتها إدانــة لأليديولوجيا. وهنا يبرز نموذج نابليون )، وكارل مانهايم Karl Marx )، وكارل ماركس ( Napoléon Bonaparte بونابــرت ( )، الذين قدَّموا معنى ســلبيًّا ونقديًّا لأليديولوجيا باعتبارها أفكارًا Karl Mannheim ( خاطئة وغير عملية ومُضَلِّلَة ومنفصلة عن الحقائق والممارسات الواقعية (بونابرت). وظلت هذه الرؤية السلبية موجودة حتى في األعمال الفكرية لماركس وإن كان يرى .) 34 في األيديولوجيا أفكارًا تُعبِّر عن مصالح الطبقة المهيمنة( وخالفًا لهذين المنظورين، اهتمت دراسات أخرى باأليديولوجيا كظاهرة رمزية/خطابية تمثِّل إطارًا إدراكيًّا يتجاوز المعتقدات واالتجاهات، وتتشــكَّل في سياقات اجتماعية وسياسية وثقافية معينة، وهو الطرح الذي نجده في أعمال نورمان فاركلوف، وتوين فان دايك، وجون تومبســون وغيرهم. فالخطاب الذي يتضمن مســلَّمات موضوعها الموجود وحالته، والممكن والضروري، وما سيكون، وضروب الخطاب التي ترتبط بها، والمعاني المســلَّم بها، يمكن اعتباره خطابًا أيديولوجيًّا. كما أن النصوص تقوم بعمل أيديولوجي عندما تسلم بوجود شيء معين وتعتبره واقعًا ال شك فيه وال يمكن ). لذلك فإن النتائج األيديولوجية هي 35 تحاشــيه (كالتسليم بوجود ســوق عالمية)( أحد أنواع النتائج التي تُســبِّبها النصوص، وتُعد األيديولوجيات ممثليات (تمثيالت) لجوانــب من العالم تتحقق في طرق الممارســة االجتماعية، وتترســخ في هويات الفاعلين االجتماعيين. ويمكن أن تمتلك األيديولوجيات اســتمرارية وثباتًا يتخطيان النصــوص الفرديــة أو مجموعــات النصوص؛ إذ إن لها عالقــة بضروب الخطاب .) 36 وأصنافه وأساليبه( وفي هذا الســياق يُبيِّن تومبسون أن دراسة األيديولوجيا ال تهتم بالمقوالت وتحليل نســق األفكار أو المعتقدات فقط، كما ال تهتم بتحليل الشــكل أو النســق الرمزي " االستخدامات االجتماعية لألشكال الرمزية " لذاته، بل تُعنى هذه الدراسة بما يُسمِّيه وذلك لتحديد إلى أي مدى وكيف تعمل هذه األشــكال على إقامة عالقات الهيمنة .) 37 والحفــاظ عليها في الســياقات االجتماعية التي تُنْتَج فيهــا ويتم نقلها وتلقيها( وهــو ما يعنــي أن الظواهر األيديولوجية تكون رمزيــة وذات مغزى بقدر ما تعمل،
Made with FlippingBook Online newsletter