97 |
ثالثًا: أنماط الخطاب األيديولوجي اإلسارئيلي فــي التعريف الذي قدَّمه تومبســون لأليديولوجيا حدد ثالثــة أبعاد للمفهوم (مقولة المعاني، والهيمنة، والطرق التي تعمل بها المعاني لتأسيس عالقات الهيمنة والحفاظ عليها)، كما ذُكِر آنفًا، ويعتبر البعد الثالث متغيرًا أساسيًّا محددًا للظاهرة األيديولوجية التي تؤسِّــس لعالقــات الهيمنة والحفاظ عليها. وهو مــا يمكن رصده وتحليله في الخطاب األيديولوجي اإلسرائيلي، ويساعدنا في ذلك النمذجة التي حدَّدها تومبسون نفسه حول األنماط العامة الشتغال األيديولوجيا. ومن خالل المالحظة لعيِّنة الدراسة وتتبُّع آثار الســلوك االتصالي لمنتجي الخطاب األيديولوجي اإلســرائيلي، يتبيَّن أن أنماط هذا الخطاب تشمل: - أيديولوجيا الشرعنة: يسعى الخطاب لتأسيس عالقات الهيمنة (الخطابية والسياسية والعســكرية أيضًــا) والحفاظ عليها من خالل إبراز شــرعية القضايــا التي يتناولها، باعتبارهــا قضايا عادلة وجديرة بالدعم والدفاع عنها، وهو ما يعكســه المعنى الذي في فلســطين؛ إذ إن ما يعتبره الفلسطيني " الوجود اإلســرائيلي " يُقدِّمه هذا الخطاب لـ نحن " ألرضه يراه اإلســرائيلي ومعه العالم -بحســب منطــوق الخطاب "ً احتــاا ًل " . وتتم شــرعنة هذا الوجود (الحق التاريخي في " عودة شــعب إلى أرضه " - " والعالم األرض) أيضًا من خالل الرجوع إلى قرارات الجمعية العامة لألمم المتحدة، خاصة كانت أول مرة بعد ألفي سنة تمكَّن فيها الشعب اليهودي من " ؛ إذ 181 قرار التقسيم .) 47 ( " إعادة سيادته على وطنه التاريخي وهنا، يحاول الخطاب أن يؤســس هذه الشــرعنة (شرعنة الوجود) على ثالثة أسس: أوًلً: األســس القانونية/العقالنية عبر استدعاء شــرعية المواثيق والقرارات الدولية التــي تمثِّل إطارًا حاكمًا للعالقات الدولية. وثانيًا: األســس التقليدية التي تتمثَّل في استدعاء قدسية المعتقدات الدينية التي تشرعن للذات اإلسرائيلية تصوراتها ومواقفها بخصوص الوجود اإلسرائيلي في أرض أجداده الموروثة. وثالثًا: األسس الكاريزمية التي تستدعي الصفات االستثنائية للذات اإلسرائيلية في محيط تعتبره معاديًا لها؛ حيث تسعى للحفاظ على أمنها واستقرارها وديمقراطيتها.
Made with FlippingBook Online newsletter