التقرير الاستراتيجي 2023 - 2024

- فــي هــذه الحرب، تبين كذلك مدى الضعف الــذي يعاني منه النظام العربي الرسمي. فقد عجزت مختلف الدول العربية عن مد يد العون لسكان غزة حتى على صعيد اإلغاثة اإلنســانية. فقد اســتمر تراجع الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية منذ بدأ بالتصدع حين لجأت مصر لتطبيع عالقاتها مع دولة االحتالل في نهاية سبعينات القرن الماضي. وانتقل الموقف العربي من مرحلة كانت فيها الجيوش العربية طرفا مباشــرا في الصراع مع إســرائيل، إلى مرحلة غاب فيها أي دور مؤثر، باســتثناء الوســاطة التي تجريها قطر ومصر، إلى جانب الواليات المتحدة، بين المقاومة وإسرائيل. - رغم اســتمرار الدعم الغربي واألميركي تحديدا إلسرائيل، إال أن العالقة بين الواليات المتحدة والحكومة اإلســرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو شــهدت تراجعا حــادا خالل هــذه الحرب. فقــد تعددت محاور الخالف حــول حجم العملية العســكرية، وعمليات اإلغاثة اإلنســانية، ومصير حل الدولتيــن، ودور اليمين المتطرف في الحكومة. وال يبدو أن هذه الخالفات التي فجرتها الحرب الراهنة ســتنتهي مع نهاية العمليات العسكرية. فعمق الشرخ يتجاوز المواقف السياسية اآلنية، وهو مرشــح لالســتمرار كونه يعبر عن تغيير جيلي في عالقة السياسيين األميركيين بالمشروع الصهيوني واالحتالل اإلسرائيلي لفلسطين بشكل عام. - تراجع مسار التطبيع نسبيا، ولكنه قد يستعيد زخمه الذي فقده بسبب الحرب على غزة والحرج الذي سبّبته فظاعة الجرائم اإلسرائيلية التي ال يمكن تبريريها. وقد تجد بعض الدول العربية الراغبة في التطبيع مسوغا للمضي في هذا المسار مقابل بعض المنافع التي يمكن أن تحصل عليها ضمن ترتيبات ما بعد الحرب. - بينت الحرب أهمية شــبكات التواصل االجتماعي بما تملكه من حرية نسبية مقارنة بوسائل اإلعالم التقليدية التي أسهمت تاريخيا في دعم السردية اإلسرائيلية وترســيخها في الغرب. فقد أسهمت هذه الشــبكات في كشف الحقائق وإنارة الرأي العام العالمي والغربي تحديدا، وخاصة في أوساط الفئات الشبابية األكثر قابلية للتحرر من قيود سردية االحتالل وتقبل السردية الفلسطينية.

10

Made with FlippingBook Online newsletter