إلهاء مضاعف: اإلستراتيجية األميركية وحرب غزة
الحواس تقية
مقدمة أحدثت الحرب اإلسرائيلية على غزة هزة جديدة في النظام الدولي، وكشفت عن عجز الواليات المتحدة المتزايد عن فرض ما تريد ومنع ما ال تريد على صعيد السياســة الدولية. فقد ألهت هذه الحرب القيادة األميركية عن الحرب الروســية على أوكرانيا، التي كانت قد ألهتها بدورها عن هدفها اإلستراتيجي الرئيسي في احتــواء الصعــود الصيني. في األثناء، دفع هذا االضطراب بعض القوى الدولية الكبــرى أو الصاعدة لمنازعة الواليــات المتحدة والقوى الغربية التي تدور في فلكها بشأن قيادتها للنظام الدولي واإلصرار على مشاركتها أو الحلول محلها. يظهر العجز األميركي في الدوائر الثالث التي تشــكل اإلســتراتيجية األميركية الكبرى؛ وهي دائرة الشــرق األوســط التي تســتمد أهميتها من مخزون الطاقة والمسالك البحرية والبرية. والدائرة األوروبية التي تستمد أهميتها من قربها من قوة كبرى هي روسيا، التي تمثل خطرًا على ريادة الواليات المتحدة األميركية. ودائرة جنوب شــرق آســيا التي تســتمد أهميتها من صعودها اإلقليمي ووجود الصين، القوة الكبرى التي تنازع الواليات المتحدة الريادة العالمية. قصور إسرائيل الدائم تجري الحرب اإلســرائيلية على غزة في قلب دائرة الشــرق األوســط. وكانت تتجه نحو التخفف من " طوفان األقصــى " إســتراتيجية الواليــات المتحدة قبل شــؤون هذه المنطقة والتركيز على منطقة المحيطين، الهندي والهادئ، الحتواء القوة الصينية الصاعدة. وصاغت لذلك خطة تقضي بأن توكِل إســرائيل بشؤون أمن الشــرق األوســط في مواجهة إيران عبر تطبيع عالقاتها مع الدول العربية . في هذا اإلطار، جرى تســويق التطبيع باعتباره إطارًا " اتفاقيات أبراهام " وفــق لدرء الخطر اإليراني وآلية لتشــجيع إســرائيل على إعطاء الفلسطينيين حقوقهم.
11
Made with FlippingBook Online newsletter