التقرير الاستراتيجي 2023 - 2024

، التي شــنَت " طوفان األقصى " وقد قطعت هذه الخطة شــوطًا مُهمًا قبل عملية إســرائيل على إثرها حربًا شــاملة ووحشــية ارتكبت خاللها كل أنواع الجرائم، بما في ذلك اإلبادة الجماعية التي انتصبت محكمة العدل الدولية لبحثها. على المســتوى السياسي، أعلنت حكومة نتنياهو رفضها قيام دولة فلسطينية، ومرَرت قانونًا في الكنيست بهذا الشأن صادق عليه جميع أعضائه، وتفاخر بنيامين نتنياهو وبأنه نجح خالل حكمه الممتد لنحو عشرين عامًا في إفشال قيام " اإلنجاز " بهذا الدولة الفلسطينية، ووعد بمواصلة هذه السياسة إلى نهاية حكمه. بذلك سقطت مبررات التطبيع، فوقعت الدول المطبِعة في إحراج، ولن تقدر الدول الراغبة في التطبيع على تسويغ قبوله في المستقبل المنظور. في المقابل، تحاول الواليات المتحدة إعادة توجيه السياسة اإلسرائيلية والعودة لتنفيذ إستراتيجيتها األصلية، فتلح على تل أبيب كي تسمح بدخول المساعدات اإلنســانية إلى غزة للتخفيف من وقع الكارثة اإلنسانية يما يضر بسمعة إسرائيل ويلقي بظالله على واشــنطن باعتبارها شريكة في الحرب. لكن حكومة نتنياهو ترفض ذلك، وتســتعمل سالح التجويع للضغط على المقاومة، كما تســتمر في رفض حل الدولتين باعتباره يشــكل خطرًا على أمن إســرائيل. وبين مناشدات واشــنطن وتمنُع تل أبيب، تبدو اإلدارة األميركية عاجزة عن فرض إرادتها على حليفتها المقربة إسرائيل. هذا الرفض اإلسرائيلي يضع واشنطن في مأزق إستراتيجي ويفسد خطتها في دفع مسار التطبيع ليشمل دوًلا عربية أخرى ويعزز بالتالي مكانة تل أبيب اإلقليمية. فهي إما أن تظل منخرطة بشكل نشط في شؤون المنطقة لحماية حلفائها ومنع الدول المناهضة لسياســاتها، مثل إيران، من التمدد وتوســيع نفوذها، فتضعف قدرتهــا على احتواء الصين. وإما أن تختار االلتفات نحو جنوب شــرق آســيا فتزداد االضطرابات في الشــرق األوســط وتتأثر أسواق الطاقة وحركة المالحة. وقد تحدث، نتيجة لذلك، رجّات في عدة دول هشة تدفع بعضها لالنهيار. وفي الحالتين ستخسر الواليات المتحدة من رصيدها ومن قدرتها على االستمرار في قيادة النظام الدولي بشكل منفرد. أما الدول العربية المطبّعة، فســتتراجع ثقتها في قدرة إسرائيل على حمايتها من المخاطر الخارجية والداخلية. فإسرائيل التي طالما صوَرت نفسها على أنها القوة

12

Made with FlippingBook Online newsletter