التقرير الاستراتيجي 2023 - 2024

رغــم جرائمها وممارســاتها الخارجــة عن القانون. إن الســردية التقليدية التي تتعامل مع إســرائيل على أنها ضحية لم تعد هي المهيمنة، فالسردية الفلسطينية بدأت تزاحمها وتتفوق عليها وتدفع بعدد من القوى الغربية لمراجعة دعمها غير المحدود إلسرائيل. هذا التحول يطرح أســئلة ذات طابع سياسي وأخالقي وإستراتيجي في إسرائيل كما في الغرب عما إذا أصبح االحتالل اإلســرائيلي عبئًا على الغرب، الســيما بعد ما كشــفته الحرب على غزة من وحشــية ال نظير لها ومن دوس على كل القيم والمعايير القانونية واإلنســانية. كما يطرح أســئلة حول قدرة إسرائيل على حفظ أمنها بنفسها وخوض معاركها المستقبلية دون االعتماد على الغرب. فكأن هذه الدولة التي وُظفت لرعاية مصالح الغرب والهيمنة على جوارها اإلقليمي، أصبحــت هــي ذاتها في حاجة إلى حماية دائمة، خاصــة في هذا الوقت الذي تســعى فيه واشنطن إلى تقليص حضورها العسكري في الشرق األوسط وتقليل انخراطها المباشــر في حروبه وأزماته. الجدير بالذكر أن إدارة الرئيس األميركي الســابق، دونالد ترامب، اعتمدت على إســرائيل، وتحديدًا على نتنياهو ليكون وكيلها األساسي في المنطقة. في ذلك السياق جاءت صفقة القرن، ولكن عملية طوفان األقصى كشــفت هشاشــة القوة اإلســرائيلية وأكدت أنه ال يمكن لدولة إسرائيل أن تستمر في أداء وظيفتها دون حضور ودعم مباشر من واشنطن. خاتمة مع عملية طوفان األقصى، بل ســبقتها " الوجودية " لــم تبدأ مخاوف إســرائيل بســنوات وكانت أحد أسباب توســع نفوذ اليمين الديني والصهيوني، بوجهيه، المحافــظ والمتطرف، في المجتمع اإلســرائيلي حتى بلغ ذروته السياســية مع حكومة نتنياهو الراهنة. كما كانت محفزًا إلذكاء طموحات إســرائيل في تعزيز كيان الدولة وتوســيع مجاله، ســواء في الجغرافيا أو مــن الناحية الديمغرافية. تجلى ذلك في توسع االستيطان في الضفة والقدس، وتسريع وتيرة تهويد الحرم القدسي بتقسيمه مكانيًا وزمانيًا، ووقف المفاوضات مع الفلسطينيين إلنهاء عملية السالم وإقصاء حل الدولتين من المجال التداولي.

28

Made with FlippingBook Online newsletter