وسواء أحققت إسرائيل أهدافها من الحرب على غزة أم فشلت في ذلك، يبدو أنهــا مقبلة على المزيد من التطرف حتــى بمقاييس حلفائها الغربيين. فالتطرف يزحف على المجتمع اإلسرائيلي بمختلف فئاته، تغذيه التيارات الدينية من ناحية والمخاوف األمنية من ناحية أخرى. وإذا ما استعاد التطبيع زخمه بعد الحرب، ســتعزز صفقة القرن وتحل فعليًا محل عملية السالم. فهذه الصفقة قادرة على استيعاب طموحات إسرائيل التوسعية، وسيمنحها التطبيع مع الدول العربية نظير مــا يمكــن أن تقدمه لها عملية السالم دون أن تقدم هي في المقابل أي شــيء للفلسطينيين. فــي كل األحوال، ســيكون لعملية طوفان األقصى تداعيات إســتراتيجية بعيدة المدى على دولة إســرائيل وعلى وحدة مجتمعها وعلى المشــروع الصهيوني وإعادة تأسيسه على قواعد " الوجود " ومســتقبله في المنطقة. وســيظل ســؤال جديدة يؤرق اإلسرائيليين ساسة وجيشًا ومواطنين. فمخاوفهم األمنية من تطور في الخارج " عدوهم اإلستراتيجي " قدرات المقاومة في الداخل ومن تمدد نفوذ لن تجد ما يهدئها. وســيحتاج الشــرخ الذي أصاب عالقة إسرائيل بالغرب إلى وقت لمعالجته. أما تراجع السردية اإلسرائيلية وما حدث من تحوالت في الرأي العام العالمي لفائدة الســردية الفلســطينية، فيبدو أنها ديناميكية غير قابلة للعودة إلى الوراء، على األقل في المدى المنظور.
29
Made with FlippingBook Online newsletter