التقرير الاستراتيجي 2023 - 2024

البرنامــج الصاروخي اإليراني وكذلك مشــروع صناعة المســيّرات قد بدأ في االحتواء " فترة الحرب مع العراق ســعيًا لتجاوز التهديد. وقد أســهمت سياسة التي اعتمدتها الواليات المتحدة تجاه إيران والعراق في رفع مستوى " المزدوج عدم الثقة بين طهران وبقية عواصم اإلقليم؛ ما خلق لدى إيران قناعة بأن تلك العواصم، وفي مقدمتها الرياض، تســعى لتوســيع دائرة العداء لنشاطها النووي، وتضر بمكانتها في سوق الطاقة العالمية. لم تكد الحرب مع العراق تضع أوزارها وتبدأ مرحلة إعادة االعمار التي جاءت مع رئاسة هاشمي رفسنجاني حتى كانت إيران على موعد جديد مع تحد آخر؛ فقــد كانــت عالقات طهران اإلقليمية بعد نهاية الحــرب تنتقل من الصراع إلى التنافس على النفوذ اإلقليمي، في منظومة عالقات معقدة ومتشــابكة مع مجمل تفاعالت النظام اإلقليمي في الشــرق األوســط. وسط حالة التنافس هذه، جاء ، وأحدثت الهزيمة التي لحقت بالعراق عقب 1990 الغزو العراقي للكويت عام ذلــك تغييــرات جوهرية على ميزان القوى ومنظومــة العالقات اإلقليمية، ومن بينهــا عالقات طهران مع المحيط الخليجي على وجه الخصوص. وحكم ذلك التغييــر الكبير، الذي طرأ علــى نظام األمن اإلقليمي في الخليج، والمتمثل في مضاعفة الوجود العســكري األميركي المباشر في المنطقة بمستوى غير مسبوق من القوة العســكرية، سياسة طهران الخارجية وإســتراتيجيتها الدفاعية. فوجود أميركا العســكري وانتشــار قواعدها في الشرق األوسط ومنطقة الخليج تحديدًا تراه إيران تهديدًا أمنيّا مباشــرًا وســببًا أساسيًا من أسباب التوتر والخالف بينها وبين جيرانها العرب. جدير بالذكر أن مسألة النفوذ اإلقليمي ال تخص إيران وحدها، فمنظومة المصالح واألهداف والتوجهات السياســية واأليديولوجيــة لألطراف األخرى تجعل من الصراع على النفوذ في المنطقة أمرًا مشتركًا، سواء تعلق األمر بالقوى المتحالفة مع إيران أو تلك المتنافسة والمتصارعة معها. فيمــا يتعلــق بإيران تحديدًا، يرتبــط بناء منظومة النفوذ اإلقليمي بشــكل وثيق بإشكالية العالقة مع الواليات المتحدة األميركية. وقد لعب التوتر في العالقة بين الطرفين واستفحاله في بعض المراحل دورًا جوهريًا في رسم بنية اإلستراتيجية

40

Made with FlippingBook Online newsletter