المســاعدة األمنية التي تقدمها إيران لحلفائها محورًا ثابتًا في إســتراتيجية أمنها القومي. وقد تجاوزت إيران النظرة الفنية للدعم اإلســتراتيجي لتشكل تدريجيّا نموذجًا شموليّا ذا أبعاد عقائدية واقتصادية وإستراتيجية متشابكة، وفق ما تؤكده . ((( " المساعدة األمنية " دراسة لعبد الرسول ديفساالر وحميد رضا عزيزي حول ال يمكــن فهــم النفوذ اإليراني في المنطقة بعيدًا عــن قضية التنافس اإلقليمي، الذي يشكِل إطارًا أوسع إلدارة الملفات اإلشكالية في العالقات التي ترتبط بين القوى الرئيسية في المنطقة. وقد ظهرت تجليات هذا التنافس اإلقليمي وتبعاته وأثمانه الباهظة في العراق وسوريا واليمن والخليج. وسيبقى هذا التنافس مدخ ًلا لخالفات جوهرية في الرؤية والخطاب بين إيران وجيرانها. فما تراه إيران عامل اســتقرار وأمن إقليمي يعتبره جيرانها ومنافسوها وأعداؤها عامل توتر وتصعيد. في هذا اإلطار، ال يختلف إبراهيم رئيسي عن سابقيه من الرؤساء اإليرانيين في رؤيته لمسألة النفوذ اإلقليمي، والتي يستلهمها من فكر خامنئي. وتتلخص رؤيته في مجموعة من النقاط أهمها أن النفوذ اإلقليمي إليران يسهم في تعزيز األمن القومــي وأن قوة الردع اإليرانية، بما في ذلــك البرنامج الصاروخي، غير قابلة للتفاوض، وهي ما جلب الواليات المتحدة والغرب إلى طاولة المفاوضات. إستراتيجية إيران الدفاعية في سياق الحرب اإلسرائيلية على غزة ال ينحصــر التنافس اإلقليمي بين إيران وجيرانها العرب وحســب، بل يشــمل كذلك، وأساسًا، إسرائيل. وقد سعت إسرائيل بصورة محمومة في عهد نتنياهو الحتــواء إيــران، ولكن كل مســاعيها لوقف تقدم برنامج إيــران النووي باءت بالفشل. في المقابل، نجحت إيران في إدارة شبكة حلفائها وضبط إيقاع حركتهم وفق إستراتيجية دفاعية تعزز من نفوذها اإلقليمي. يتضح ذلك جليًا في الحرب ؛ حيث يتمركز حلفاء " طوفان األقصى " اإلسرائيلية على غزة التي أعقبت عملية إيران بشــكل إستراتيجي حول إسرائيل ويشكلون ما يشبه الطوق. فعلى الجبهة الشــمالية، يخــوض الحليف اللبناني، حزب الله، حرب اســتنزاف مؤلمة وفق تصعيد عسكري متدرج ولكنه منضبط لهذه اإلستراتيجية. في الحرب على غزة، ((( Abdolrasool Divsallar and Hamidreza Azizi, Towards a non-Western model of security assistance: How Iran assists militaries, Mediterranean Politics, 26 February 2003: https:// doi.org/10.1080/13629395.2023.2183661 (accessed on 26/03.2024).
42
Made with FlippingBook Online newsletter