ولكن هذا الخالف، على أهميته، ال يعني أن إســرائيل ســتفقد الدعم األميركي بصــورة مطلقة، بل يعني أن جناحًا من القيادات السياســية األميركية يقدم دعم إســرائيل على دعم بقية الحلفاء، بينما يقدم الجناح اآلخر، والذي يغلب عليه الطابــع الجمهوري، االعتبارات األمنية الداخليــة التي ترتبط بالحدود الجنوبية على تعهدات أميركا الخارجية. علــى المدى البعيــد، أبانت الحرب على غزة ترابطًا متباد ًلا بين اتجاهين داخل إســرائيل وأميركا سيمتد لسنوات قادمة، وهما التعاضد بين االتجاهات اليمينية والشعبوية في البلدين. فقد أعلن بايدن أن القاعدة اليمينية المتطرفة االستيطانية في إســرائيل تعطــل مخططاته في إقامة دولة فلســطينية، وطالب نتنياهو بإبعاد هــذه القــوى عن الحكومة. ولكن هــذه القاعدة التي يمثلها سياســيًا بن غفير وســموتريتش، هي شــرط بقاء نتنياهو في الســلطة. لذلك هو يرفض التخلص منهمــا، بل يســتمر في تعزيز حظوظهما االنتخابية بزيــادة اعتمادات وزارتيهما وحدة 3000 ومشــاريعهما االســتيطانية. في هذا السياق جاء اإلعالن عن إنشاء اســتيطانية جديدة، وإعادة الســيطرة األمنية على غزة، ومصادقة الكنيست على معارضة أي اعتراف دولي محتمل بدولة فلســطينية. من جهتهما، لم يُخْف بن غفير وسموتريتش رغبتهما في فوز ترامب في االنتخابات الرئاسية المقبلة. فهو يدعم أجندة اليمين المتطرف، وســبق له أن منح إســرائيل خالل عهدته األولى مكاســب غير مســبوقة، مثل االعتراف بالقدس عاصمة إلســرائيل واالحتفاظ بالجوالن وتشجيع االستيطان. هذا الترابط بين اليمينيين المتطرفين ال ينحصر في التصريحات فقط، بل يمتلك بعض األدوات لتحقيقه، مثل لجنة الشؤون العامة األميركية اإلسرائيلية (أيباك)، التي تدعم بوضوح سياسات نتنياهو منذ سنوات، وقد تعمل على توثيق الترابط بين اليمينيْن، اإلسرائيلي واألميركي. وقد برزت أثناء الحرب مؤشرات على أن يهودًا أميركيين نافذين يتصدون ألي جهة تسمح بانتقاد السياسات اإلسرائيلية أو تمتنع عن دعم إســرائيل بشــكل مطلق، مثل االستجواب الذي خضع له رؤساء بعض الجامعات األميركية المرموقة (هارفارد وماساتشوســتس وبنسلفانيا) بعد سماحهم ألصوات طالبية بانتقاد العدوان اإلسرائيلي على غزة. وقد تكون هذه
56
Made with FlippingBook Online newsletter