التقرير الاستراتيجي 2023 - 2024

بدايــة حملة لمحاصرة كل الهيئات الليبرالية التي تســمح بتعدد اآلراء والتعبير عنها. فيكون لذلك أثران: تحصين إسرائيل من االنتقاد، وإزاحة القوى الليبرالية التي تتصدى للقوى اليمينية الشعبوية في أميركا. وداعًا لإلجماع وضع العدوان اإلسرائيلي على غزة مصالح نتنياهو وبايدن االنتخابية في تناقض تكاد تكون نتيجته صفرية، إذا كســب أحدهما خســر اآلخر. فنتنياهو يستند إلى أحزاب اليمين المتطرف للبقاء في الحكم واإلفالت من المحاكمات التي تنتظره وقد تودي به إلى السجن. وتشتد حاجته إلى هذه األحزاب كلما رجح احتمال تنظيم انتخابات جديدة ألنه ســيفقد نسبة كبيرة من األصوات ويحتاج لتعويضها إلى حلفائه اليمينيين. مقابل هذا الدعم، تدفع األحزاب اليمينية المتطرفة بشراسة إلى مواصلة الحرب وتوســيع االســتيطان ورفض إقامة دولة فلســطينية. وهذه التدابيــر تثير بدورهــا نقمة قاعدة بايدن االنتخابية التي تتوعده برفض التصويت لــه؛ فهو في نظرهم متواطئ مع التحالف اليميني اإلســرائيلي العنصري. وتدل استطالعات الرأي المتواترة على أن هؤالء يشكلون كتلة معتبرة قد تقضي على حظوظ بايدن االنتخابية. بهذا المعنى، فإن فوز أحدهما في االنتخابات يشــترط هزيمة اآلخر. لذلك، مع اقتراب موعد االنتخابات األميركية، قد يضاعف بايدن من جهوده إليجاد قيادة إســرائيلية بديلة عن نتنياهو أو يزيد من ضغطه لوقف الحرب. مع اســتمرار الحرب على غزة، تستمر إســرائيل في خسارة اإلجماع األميركي التقليــدي الــذي كان ركنًا أساســيًا في أمنها. فقد باتت سياســتها أحد عوامل االســتقطاب الذي يهدد تماســك النظام الديمقراطي األميركي. ففي حين تبتعد قاعدة الحزب الديمقراطي بالتدريج عن تأييد إسرائيل تأييدًا مطلقًا، تعتبر القاعدة اإلنجيلية الكبيرة للحزب الجمهوري أن دعم إسرائيل جزء من الخالص الديني الموعود. ومع تغذية إســرائيل لهذا االســتقطاب بميلها إلى الجمهوريين، فإنها ســتغذي معاداة الديمقراطيين لها، وتخســر بالتالي أهــم ركيزة خارجية ألمنها القومي.

57

Made with FlippingBook Online newsletter