ضد إســرائيل مادة قانونية دسمة تدعم عملهم بالوثائق والشهادات والمداوالت والتقارير المتخصصة. داللة قيادة جنوب إفريقيا للمسار القضائي ليست جنوب إفريقيا دولة عربية ولم تكن في السابق جزءًا من الصراع المباشر مع إسرائيل. لذلك، فإن مبادرتها برفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية تحمــل أكثر من داللة وتعطي هذه المحاكمة مصداقية ربما لم تكن لتحظى بها لــو كان صاحب الدعوى طرفًا من أطراف الصــراع. وهذه الدولة تقع جغرافيًا في أقصى جنوب القارة اإلفريقية، فال حدود بينها وإسرائيل وال نزاعات سابقة يمكن أن توظفها ضدها قضائيًا أو تضعها في موقف عدائي معها. لذلك تعمدت إسرائيل في بداية المحاكمة إثارة جدل قانوني شكلي بشأن شرعية الدعوى؛ إذ ليس بين المدعي والمدَعى عليه نزاع أصلي. ما يجعل هذه المحاكمة تحمل داللة خاصة هو التقاطعات المهمة بين تجربتي الشــعبين، اإلسرائيلي والجنوب إفريقي، إذ يربط بينهما تاريخ مشترك في ثالث مســائل، ولكن بطريقة معكوســة: في طبيعة العالقة مع الغرب، وفي ممارسات نظام الميز العنصري، وفي موضوع اإلبادة الجماعية. فالشــعب اليهودي عانى من االضطهاد فــي عالقته مع الغرب ولكن في بلدان الغرب ذاتها، وانتهى به المطاف منبوذًا ومحاصرًا في مخيمات تحشــيد قبل أن يُطرد ويُعاد تجميعه في أرض فلسطين ليحتلها ويطرد شعبها. أما جنوب إفريقيا فقد جاءها الغرب إلى أرضها مستعمِرًا وأحل فيها نظامًا استيطانيًا استولى على األرض المُنتِجة وحوَل شــعبها إلى خدم في المزارع والمناجم. وعاش ســكان جنوب إفريقيا األصليون قرونًا منبوذين ومضطهدين ومســلوبي الحقوق تراقبهم مؤسسات الدولة وتالحقهم كما كان شأن اليهود في عدد من الدول األوروبية. في فلســطين، أقام االحتالل اإلسرائيلي نظامًا تمييزيًا ضد أصحاب األرض، ال يختلف في جوهره عن نظام الفصل العنصري األبيض ضد الســود في جنوب . فاســتولى على أراضي الفلسطينيين وحوَلها إلى 1991 إفريقيا إلى حدود العام مســتوطنات تتكاثر ويتوســع نطاقها بوتيرة متسارعة، وبنى جدران العزل وكثّف
61
Made with FlippingBook Online newsletter