التقرير الاستراتيجي 2023 - 2024

المنطقــة ذاتها. وأثناء الحرب على غزة، قصف الحوثيون مدينة إيالت وميناءها جنوب إسرائيل، كما استهدفوا بالزوارق الصغيرة والطائرات االنتحارية المسيَرة والصواريخ البالســتية الســفن المتجهة إلى إســرائيل عبر باب المندب والبحر األحمر؛ ما شكَل تهديدًا لحركة المالحة الدولية. أمــا المقاومــة اإلسالمية في غزة، وفي مقدمتها كتائب عز الدين القســام، فقد كان الســتخدامها أساليب الحروب غير المتناظرة أكبر األثر في تعزيز صمودها وتكبيدها الجيش اإلســرائيلي خســائر فادحة على جميع المستويات. بدا ذلك مــن خالل عملية طوفان األقصى 2023 أكتوبر/تشــرين األول 7 واضحًــا يوم التي استخدمت فيها الطائرات الشراعية والصواريخ والدراجات النارية، ففاجأت الجيش اإلســرائيلي، وأوقعت بين صفوفه عشرات القتلى والجرحى واألسرى. وعلى مدى أشــهر من المواجهات العســكرية، السيما بعد الهجوم البري على قطــاع غزة، برزت بقية تكتيكات وأســاليب الحرب غيــر المتناظرة، ومن أهم وأبرز تلك األســاليب اســتخدام األنفاق، القتالية واللوجســتية واإلدارية، التي حفرتها كتائب القسَام وجهَزتها عبر السنوات الماضية. فقد استطاعت المقاومة، باســتخدام تلك األســاليب، مهاجمة العدو في أماكن ال يتوقعها، واإلبقاء على تماســك منظومة القيادة والســيطرة، رغم كثافة النيران اإلسرائيلية، ورغم الدعم والمساعدات العسكرية واالستخباراتية األميركية والبريطانية. كذلك كان للمدافع المحمولة كتفًا (الـ آر بي جي بأنواعها وأسمائها المختلفة)، وللعبوات الناسفة، وبنادق القنص، والتي جرى تطوير أغلبيها بقدرات محلية، أكبر األثر في تكبيد جيش االحتالل خســائر لم يشــهد لها مثي ًلا في حروبه الســابقة منذ قيام دولة إسرائيل. خاتمة تؤكــد الحروب غير المتناظرة، خاصة تلك التــي تجري بين حركات المقاومة وجيــوش الدول التي تحتل أوطانها، أن انتصار تلك الجيوش ليس حتميًا مهما كانــت كثرة عددها وقــوة عتادها؛ إذ باإلمكان هزيمتها أو على األقل منعها من تحقيــق النصر. فبيئــة الحرب غير المتناظرة تختلــف جوهريًا عن بيئة الحرب المتناظرة، ليس على صعيد الوســائل والقدرات القتالية وحسب، بل أيضًا على

69

Made with FlippingBook Online newsletter