االنجراف مع الســردية اإلسرائيلية، التي تُســوِغ اإلبادة الجماعية، عمق األزمة األخالقية والمهنية التي يعيشــها اإلعالم الغربــي في معالجته للصراع العربي- اإلسرائيلي واحتالل األراضي الفلسطينية. فقد أصبح هذا اإلعالم يتقدَم اإلعالم حق إســرائيل في الدفاع عن " اإلســرائيلي في الترويج لروايته، ويتبنَى ســردية دون اعتبار لحق الفلسطينيين في مقاومة االحتالل والدفاع عن أنفسهم " نفســها وأرضهم. هنا، تبدو األزمة أكثر تعقيدًا، وتثير إشكاالت صريحة على مستوى فلسفة اإلعالم الغربي وقيمه ومعاييره ســواء على الصعيد الفكري أو األخالقي أو الثقافي أو الحقوقي. وتتجلى األزمة في تجرد هذا اإلعالم من القواعد الحاكمة للممارسة المهنية وخرقه لمواثيق الشرف الصحفي، بما يؤثر سلبًا على وظائفه اإلخبارية. فهو، من ناحية، ينخرط في العمل لصالح الدول والقوى والشركات الكبرى التي يعنيها اســتمرار الحرب في غزة، ومن ناحيــة أخرى، يتجاهل مصالح الضحايا والجمهــور والرأي العام العالمــي. وتزداد الضغوط السياســية واأليديولوجية عن فلســفة اإلعالم وأخالقيات المهنة في بعض وســائل اإلعالم " االنحراف " و الغربي بعد مرور ســتة أشــهر على اندالع الحرب، وهو ما يفاقم اإلشــكاالت المذكورة آنفًا. كشفت الحرب على غزة اختالالت مهنية دامغة في معظم وسائل اإلعالم الغربي ومؤسساته وشبكاته الدولية التي اتخذت موقفًا سياسيًا وأيديولوجيًا داعمًا للرواية اإلسرائيلية، وأحيانًا متماهيًا مع الموقف الرسمي اإلسرائيلي. برز ذلك في عناوين ، وفي تغطيات عدد من القنوات الدولية. وقد " كلنا إسرائيليون " بعض الصحف تجلى ذلك الموقف السياســي-األيديولوجي في إجراءات إقصائية للرأي اآلخر وصلت إلى حد طرد ضيوف البرامج الحوارية بســبب إدانتهم لجرائم الحرب واإلبادة الجماعية التي يرتكبها الجيش اإلســرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. لن نركز هنا على االختالالت المهنية في تغطية وســائل اإلعالم الغربي فيما يتعلق بلغــة التغطية ومصطلحاتها ونزع اإلنســانية عن الفلســطينيين، أو حجب صور اإلبادة الجماعية التي يتعرض لها القطاع بأكمله، بل ســنركز على بعض أسباب األزمة التي يعيشــها هذا اإلعالم في ســياق دعمه للموقف اإلسرائيلي-الغربي، ألن االختالالت المهنية ليست سوى مظهر من مظاهر األزمة.
72
Made with FlippingBook Online newsletter