التقرير الاستراتيجي 2023 - 2024

أو االنفصــال عند النظر إلى ســيرورة األحداث والممارســات وترابط القضايا واألفكار، فهو يســتبعد انتظام مسارها ووجود عالقات سببية بينها. هنا، تعكس المعالجة اإلعالمية رؤية تجزيئية للصراع العربي-اإلسرائيلي، حيث يبدو هجوم حركة حماس على المســتوطنات اإلسرائيلية في غالف غزة منفص ًلا عن تاريخ االحتالل اإلسرائيلي وسيرورته، وليست هناك أية مقدمات أو متغيرات أدت إلى السابع من أكتوبر/تشرين األول. من هذا المنطلق، يعتقد معظم اإلعالم الغربي وتدمير حركات المقاومة التي " الدفاع عن نفســها " أن إســرائيل لها الحق في . وهو بذلك ينزع الشــرعية عن فعل المقاومة " الدعشــنة " و " اإلرهاب " يصمها بـ ذاتــه، ويجرِم فصائلها ويقدِمها في صــورة الكيانات المعادية لمحيطها وللنظام والقانون الدوليين. يقوم المنظور التجزيئي للصراع بتجريد المعالجة اإلعالمية من العمق المطلوب؛ إذ يتجاهل األسباب المؤدية لألحداث، كما يتجاهل الخلفية المعرفية والتاريخية من بيئته السياسية " طوفان األقصى " التي تســاعد على فهمها وتحليلها. فاجتزاء واالجتماعية، وفصله عن ســياقه التاريخي الذي أنتجه، يشــكِل عائقًا أمام فهم الحدث وتحليل أبعاده. والســياق في هذه الحالة ليس ســوى تاريخ االحتالل اإلسرائيلي لفلسطين وسياساته االستيطانية، ومشاريعه التلمودية لتهويد القدس، فض ًلا عن التطهير العرقي والتهجير القسري للفلسطينيين، وحصار غزة منذ نحو عامًا، والحروب الســت التي شــنها االحتالل على القطاع، والدعم الغربي 17 لتلك الممارسات. ضمن هذا السياق، وفي غياب أي أفق سياسي لحل القضية الفلسطينية، ترى حركات المقاومة الفلسطينية أن مواجهة االحتالل بكل الوسائل والتحرر من ربقته حق تكفله الشرائع السماوية والقانون الدولي. هذه الرؤية التجزيئية األحادية تتحكَم في معظم اإلعالم الغربي وتؤطر الحدث من منظور سياسي-أيديولوجي؛ لذلك تتعمد المطابقة بين حركة حماس وتنظيم الدولــة، وتــرى أن التعامل مــع المقاومة يجب أن يكون على هذا األســاس. فالمقاومة الفلســطينية، بالنســبة إلى هذا اإلعالم، ليست حركة تحرر وطني وال تمثِل اإلجماع الوطني الفلســطيني. فبد ًلا من فهم الصراع وســياقاته وتســليط الضوء على ممارســة االحتالل اإلســرائيلي، يسارع إلى إدانة المقاومة ووصمها

74

Made with FlippingBook Online newsletter