التقرير الاستراتيجي 2023 - 2024

، ويصــادر حرية الضيوف الذين يحاورهــم ويفرض عليهم رؤيته " اإلرهــاب " بـ ويطلب منهم إدانة حماس، أو يتنمَر عليهم ويطرد بعضهم من األستوديو. لقد أنتجت هذه الرؤية خطابًا تحريضيًا يبرر كل أشــكال العنف ضد المقاومة، وكل أنواع الجرائم في حق الشــعب الفلســطيني الذي يواجه حربًا غير مسبوقة ويتعرّض إلبادة جماعية يرتكبها االحتالل اإلســرائيلي. وقد كان بعض وســائل اإلعالم وقودًا لهذه اإلبادة حين شــبَه حدث الســابع من أكتوبر/تشــرين األول .) 9 / 11 ) بما تعرضت له أميركا في الحادي عشــر من ســبتمبر/أيلول ( 10 / 7 ( فمجــرد المقارنــة بين الحدثيــن ووضعهما في ذات الســياق، يعطي االحتالل اإلسرائيلي مبررًا الرتكاب أفظع الجرائم ضد الفلسطينيين في غزة تحت ذريعة . لذلك، تُعتبر بعض القضايا المهنية ثانوية في التحليل " الدفاع عن النفس " حق إزاء قضية المنظور السياسي المؤدلج لألحداث ومعالجتها خارج سياقها. يتقاطع الخطاب التحريضي لإلعالم الغربي مع خطاب اإلعالم اإلسرائيلي المشبع بالكراهيــة والعنــف، والتحريض أيضًا على القتل والتهجير القســري والتطهير العرقي للفلسطينيين. فقد كان معظم وسائل اإلعالم اإلسرائيلية وبعض المحللين في األســتوديوهات يطالبون صراحة، وعلى الهواء مباشــرة، بقتل الفلســطينيين وإبادتهم باستخدام جميع أنواع األسلحة بما في ذلك السالح النووي. لذلك كان هذا اإلعالم جزءًا من الجهد الحربي في تعبئة الجيش والمجتمع اإلســرائيلييْن، والتحريض على اإلبادة الجماعية للفلسطينيين التي تجري من خالل ثالثية القتل والتجويع واألمراض. هنا، تبرز مرة أخرى إشكالية هذا النمط من اإلعالم، وعمق األزمة التي يعانيها؛ فهو يُسَخَر لخدمة األجندة السياسية واألهداف األيديولوجية لالحتالل والقوى الدولية الداعمة له، حتى تســتمر هيمنة الرواية التي ترى في المشكلة في الفلسطينيين ومقاومتهم وليس في " ، وأن " ضحية اإلرهاب " إسرائيل ، وال " الدعشنة " ، وأن حركات المقاومة تمثِل اإلرهاب و " االحتالل اإلســرائيلي تعترف بالقانون الدولي، وال تمثل اإلجماع الوطني الفلســطيني. بذلك، يراهن اإلعالم الغربي والقوى المالكة له، ومن خلفهما اإلدارة السياسية الغربية الداعمة إلسرائيل، على صهينة المجتمع وتشكيل الرأي العام العالمي وفق هذه األجندة.

75

Made with FlippingBook Online newsletter