وقد سمحت تلك المنصات أيضًا بتمويل إعالنات للتحريض على محكمة العدل الدولية والتحريض على اإلبادة الجماعية. يثير الواقع الذي يعيشه اإلعالم الغربي التقليدي والرقمي، في سياق الحرب على غزة، إشــكاالت متعددة، بدعمه للرواية اإلســرائيلية التي تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وتشويهه لفصائل المقاومة بنشر األخبار المزيفة عنها، وتحريضه على القتل والتهجير القسري واإلبادة الجماعية لشعب محتل. بينما في أوكرانيا، يرى هذا اإلعالم ذاته، أن العملية العسكرية الروسية احتالل لدولة ذات سيادة، ويشيد بمقاومة األوكرانيين لروســيا، ويحتفي بتزويد الغــرب لتلك المقاومة بالسالح والمال والدعم السياســي والدبلوماســي. يعكس هذا التناقض عمق األزمة التي يعيشها هذا اإلعالم بانسالخه عن الفلسفة التي تأسس عليها وانفصاله عن النسق الفكري واألخالقي الذي كرسته فلسفة األنوار الغربية بطابعها العقالني وحسها النقدي وقيمها التحررية المناهضة لكل أشكال الوصاية والهيمنة المطلقة لبعض المؤسســات على التفكير والممارســة. فهذا التراث هو ما تحتاج إليه المنظومة اإلعالمية الغربية اليوم، الســيما عند تعاملها مع القضايا الشــائكة التي تقتضي التحرر من الهيمنة السياســية واأليديولوجية، وإنتاج خطاب مهني متوازن بعيدًا عن حبائل الدعاية الصهيونية.
79
Made with FlippingBook Online newsletter