| 162
إلنســانيتهم، بحيث يصبحون أنفسهم سِلعًا وخَدمًا لألشياء التي ينتجونها. وبد ًل من الرقي بأنفســهم، فإنهم يهلكون أجســادهم ويدمرون عقولهم في العمل الذي يصبح قسريًّا ونافيًا للحرية. في ظل هذه الظروف، فإن التكنولوجيا ال تقود إلى الحرية بل ). ولربط كل هذا بالذكاء االصطناعي، فإن كويكلبيرج 12 تصبح أداة لهذا االغتراب( يؤكد أن مســتخدمي وسائل التواصل االجتماعي والتطبيقات األخرى يعدون عماًل منتجين للبيانات (وهي هنا بمنزلة سلع في النظرية الماركسية) التي يحتاجها الذكاء االصطناعــي والقائمــون عليه. واألدهى من ذلك هو أن هذا العمل يكون بدون أجر لصالح شركات التواصل االجتماعي وعمالئها (الشركات المُعلِنة). الشيء الذي يعده الكاتب من منظور ماركســي شك ًل من أشكال االســتغالل الرأسمالي، لمستخدمي التطبيقات التكنولوجية المتطورة التي تجبرهم على العمل باستمرار وعلى االستهالك أيضًا، بما في ذلك اســتخدامهم لألجهزة اإللكترونية إلنتاج البيانات-الســلع، التي تصبــح في حوزة شــركات التواصل االجتماعي التــي تبيعها لمن يهمه األمر. وهذه العالقــة بين رب العمل (الشــركات المســتفيدة من الــذكاء االصطناعي) والعامل (مُســتخدِم التطبيقات الذكية)، ال تؤدي إلى تطوير وتحقيق ذات هذا المُستخدِم، بل إلى فقدان حريته تمامًا. وبناء عليه، فإن مُســتخدِم التطبيقات الذكية في هذه الحالة ). بمعنى آخر يصبح هذا العامل-المســتهلك هو 13 ( " مجموعة من البيانات " مجــرد .) 14 نفسه سلعة( وعن الحرية باعتبارها مشــاركة سياسية أو مشــاركة في صنع القرار السياسي والتي نجــد صداهــا عند اإلغريق خصوصًا األثينيين في القرن الخامس قبل الميالد، وعند ) في صيغتها الحديثة عبر فكرة اإلرادة Jean - Jacques Rousseau جان جاك روسو ( العامــة، يؤكــد كويكلبيرج أن ميدان الذكاء االصطناعي يبقى بعيدًا عن أي مشــاركة للمواطــن؛ ألن الذكاء االصطناعي ميدان محصور بين أيدي متخصصين سياســيين، ومستثمرين ومطوري التكنولوجيا الذكية...إلخ. ويستنتج الكاتب أن التأثير الضئيل أو المعدوم للمواطنين على استخدام التكنولوجيا ومستقبلها يجعلهم فعليًّا في حالة من ). وحتى المشاركين في العملية السياسية، يتم التالعب 15 االستبداد وانعدام الحرية( بهم عن طريق الذكاء االصطناعي، الذي أصبح دوره متزايدًا في الحمالت االنتخابية وفي الحياة السياســية بشــكل عام، حيث يُســتهدَف الناخبون باإلعالنات عن طريق اســتخدام بيانات عن سلوكهم على وسائل التواصل االجتماعي وأنماط استهالكهم
Made with FlippingBook Online newsletter