العدد 20– نوفمبر تشرين الثاني 2023

| 46

ثالثًا: تأثير الذكاء االصطناعي على سيادة الدولة تســبب التطور التكنولوجي واستخداماته العســكرية والتجارية بتراجع مفهوم هيمنة ). ومع تطور االتصاالت وثورة المعلومات 21 الدولة على قرارها الداخلي والخارجي( تضاعــف مقدار التدفقات الخارجية إلــى داخل الدولة بمقدار ملموس تعجز أغلب دول العالــم عــن كبحه، ويزيد الذكاء االصطناعي من مقــدار التأثير الخارجي على الدول، الســيما األقل تطورًا في هذا المجال والتي ســتكون مضطرة لالعتماد على الدول المنتجة للذكاء االصطناعي لمواجهة التحديات التي تحيط بها، وزيادة اعتمادية هذه الدول على الشــركات المصنِّعة لألســلحة الذكية التي ستظل مسيطرة بشكل أو بآخر على منظومات تلك األسلحة، وربما قدرات وحدود تشغيلها واستخدامها. وكذلــك تقــوم تطبيقات الذكاء االصطناعي بتحجيم وربمــا إلغاء الخصوصية، مثل استخدام إنترنت األشياء لجمع معلومات مفصلة ودقيقة عن سلوكيات مواطني الدول المستهلكة، ومنح المنتجين إمكانية تحليل البيانات االقتصادية واالجتماعية، وإمكانية توجيــه الــرأي العام فــي دول معينة باتجاه محدد أو افتعال أزمــات معينة وإمكانية التعرف على األشــخاص من خالل البصمة الصوتية وتحليل طريقة المشي وتحديد دقيــق للموقع الجغرافــي. وبهذا الصدد يمكن أن نرصــد اتجاهين لجمع البيانات: األول: يقوم على أســاس تتبع (الغبار الرقمي) الذي يخلِّفه تجول األفراد في شــبكة اإلنترنت، وتقوم الشــركات المهيمنة على الشــبكة العالمية هنا بجمع البيانات التي تحدد سلوك األفراد من خالل وجودهم على الشبكة، بينما يقوم االتجاه الثاني على أساس جمع البيانات عن المواطنين من العالم الحقيقي من خالل كاميرات المراقبة ). أي إن الدول يمكن 22 وإنترنت األشــياء والمستشعرات، وهذا ما تقوم به الصين( أن تتعرض لالختراق من جانب الواليات المتحدة وهي المهيمن الحالي على الشبكة العنكبوتية، من خالل رصد وتحليل حركة مواطنيها على اإلنترنت، بينما مســتهلكو السلع الصينية التي ستزود بإنترنت األشياء ستتيح جمع البيانات من السلوك اليومي للمواطــن، وتزداد إمكانية اختراق ســيادة الدولة بزيــادة اعتمادها على أنظمة الذكاء االصطناعي خاصة إن لم تكن محلية اإلنتاج فاالعتماد على النقل اآللي والسيارات ذاتية القيادة يخرج قطاع النقل من سيطرة الدولة إلى سيطرة الشركات المصنعة والتي ســتكون في غالب الدول شــركات غير وطنية، ويجرى هذا األمر على القطاعات

Made with FlippingBook Online newsletter