العدد 20– نوفمبر تشرين الثاني 2023

| 76

العلمية، وسمح للبشرية بتحقيق مآثر لم يكن من الممكن تصورها من قبل. وفــي ظل الفرص التي تتيحها الثورة الصناعية الرابعة للتقدم االقتصادي وانعكاســه على القوة االســتراتيجية الشــاملة للدولة، أصبح هناك وعــي متصاعد لدى القوى الدولية بأهمية تطبيقات الذكاء االصطناعي في تحول ميزان القوى في النظام الدولي، وبات العديد من الدول يدرك أن من يُحكم سيطرته على الذكاء االصطناعي سيكون لــه الغلبة والثــروة والهيمنة، وهو ما يدفع العديد مــن الحكومات إلى مواكبة تلك المتغيــرات الجديدة التي فرضتها تطبيقات الذكاء االصطناعي، وبخاصة تداخلها مع كافة المجاالت األخرى، كالفضاء والتكنولوجيا الحيوية. وألن تطــور الذكاء االصطناعي يكون بســرعة تفوق قــدرة المجتمع على مواكبتها أو حتى فهم كافة أبعادها، تأتي أهمية دراســة مســتقبل تطبيقات الذكاء االصطناعي خاصة، والثورة الصناعية الرابعة وما بعدها بشــكل عام، كوسيلة ومحاولة لالستقراء واالستشــراف والتنبؤ بتأثيراتها، وهو ما يعزز من الفرص الممكنة ورصد التحديات وبناء سياسات بديلة في المستقبل، ورصد حالة التقدم على المستوى التقني أو الفني والتطبيقات والسياسات المالئمة. وتكشــف التجربة الدولية الســابقة أن الذكاء االصطناعي ال يمكن أن يكون نقيضًا للذكاء البشــري، بل إنه عامل مســاعد له، وما صنعه اإلنســان من اآلالت امتلكت مفكرة، بل إنها كانت خاضعة بالفعل إلى " اآلالت " ذكاء صناعيًّا؛ ومن ثم لم تصبح برمجيات للتحكم والسيطرة من قبل اإلنسان، ولكن تكمن الخطورة في توظيف ذلك التقدم ألهداف عسكرية أو غير إنساني. تأثير الذكاء االصطناعي على االستارتيجية العسكرية وتكييف سياسات التسليح تدور تســاؤالت حول تأثير اســتقالل تقنيات الذكاء االصطناعي في المستقبل على مراحــل التخطيــط والتنفيذ للمعركة البريــة والجوية والبحريــة والفضائية وإدارتها وحسمها، وعن احتمالية امتالك الذكاء االصطناعي يومًا ما في المستقبل القدرة على االســتغناء عن هيئات األركان وغرفة العمليات والقرار البشــري لرسم سيناريوهات المعارك وإدارتها وحســمها. مثل هذه االحتماالت يمكن أن تحصل، وقد يكون لها فائدة للقادة العســكريين وهيئات الركن في التخطيط للمعارك وإدارتها وحســمها؛

Made with FlippingBook Online newsletter