| 80
القصوى من إمكانات تقنياته، على الجيوش أن تبدأ هذه المسيرة المعقدة والمحفوفة بالمخاطــر والتحديات التــي يفرضها الذكاء االصطناعــي، ويتطلب ذلك المراجعة االســتراتيجية الشــاملة لكافة مناهج التدريب ومراكز البحوث والمختبرات، ومتابعة كل ما هو حديث في مجال اإلعداد والتأهيل، حتى تمتلك القوات المسلحة سرعة التكيف واالستجابة لمتطلبات الحروب الحديثة. إال أن قدرة الذكاء االصطناعي على تطوير االســتراتيجية هي ســؤال يحتاج لوقفة، فالتجارب العملية التي خاضتها الدول الكبرى ال توحي بذلك! لذلك فنحن ال نتوقع من الذكاء االصطناعي وحده أن يعالج نقاط الضعف في االستراتيجية، فالتكنولوجيا األفضل ال تضمن النجاح، ومثال على ذلك التجربة في أفغانســتان؛ حيث أثبتت أن التكنولوجيا الفائقة والحديثة ال يمكن أن تطور اســتراتيجية غير عملية، ومهما تكن تقنيات الذكاء االصطناعي متطورة فقد ال تحقق نجاحًا ضد خصم مُجهز بدائيًّا، ولكنه يمتلك تصميمًا ورؤية استراتيجية سليمة. لكن الفوائد العســكرية الكبيرة للذكاء االصطناعي في حد ذاتها غير كافية لتعويض االنتكاسات الناتجة عن استراتيجية مضللة، وغير مدروسة بعناية وذات توجهات خاطئة ومستندة على بيانات غير دقيقة، فقد تصبح األسلحة الذكية في نهاية المطاف أسرع وأكثر دقة، وقد نحصل على أجهزة استشعار أكثر قدرة، إضافة إلى تبسيط الخدمات اللوجستية وتسهيلها، وقد يتم تحسين تجميع كتل الذكاء، لكن الذكاء االصطناعي لن يغير كل شيء، ألن التغيير لن يتحقق إال بعد توافق التقنيات والوسائل فائقة الذكاء مع اســتراتيجية مســتندة على أسس صحيحة، عندها سيوفر الذكاء االصطناعي البيئة المناسبة لتطوير وتعديل هذه االستراتيجية. ولنعطــي مثــ عمليًّا علــى كيفية إعادة التفكير االســتراتيجي للتكيــف مع الذكاء االصطناعــي، فالواليات المتحدة ســتكون بحاجة إلــى إعادة النظر في بعض أنظمة األســلحة الرئيسية التي استخدمتها منذ عقود، على سبيل المثال حامالت الطائرات، وهي الســ ح الذي فاز في المعارك البحرية للحرب العالمية الثانية، لكن وجودها وفائدتها مهددان اليوم بالتكنولوجيا الحديثة المتمثلة بصواريخ تفوق ســرعة الصوت ، حيث إن الذكاء 1959 بعد أن دخلت غواصات الصواريخ الباليستية الخدمة في عام االصطناعي قد يســهِّل في النهاية اكتشــافها في مالذاتها العميقة، لذلك تحتاج هذه
Made with FlippingBook Online newsletter