قدر من التنمية، ووضع اســتراتيجية ودستور للبلاد، لكن كل هذه المحاولات ذهبت أدراج الرياح بسبب الصراع بين الأبناء ونفوذ اللجان الثورية، واستمر هذا الوضع إلى التي أسقطت نظام القذافي وحرّرت 2011 أن قامت ثورة السابع عشر من فبراير/شباط العاصمة من استبداده. بعد تبخّر ما بقي من مؤسسة الجيش، وتبعثر أفراده بين من انضم للثورة، ومن فَــرّ مــن البلاد، ومن اعتزل في بيته؛ انهارت المؤسســات الأمنية بالكامل، وهي التي كان دورها الرئيس متمحورًا حول حماية القذافي، ولما ســقط ســقطت معه، كما أن مؤسســات الدولة الأخرى تراكمت عليها المعاناة القديمة مع الجديدة، وتوقفت كل المشاريع التنموية، فانكشف الأمن الوطني الليبي. فبراير/شباط 17 وقد عانت الدولة الليبية في مرحلة تحولها السياسي بعد ثورة من أزمات مختلفة ومهددات أمنية متعددة. فالتحول كان متعثرًا لأسباب يعود بعضها إلى طبيعة المؤسسات القديمة، وعلى رأسها كما ذكرنا المؤسسات السياسية والأمنية، ويرجع بعضها الآخر إلى طبيعة التغيير السياسي العنيف، بعد أن اختار النظام السابق مواجهة المظاهرات الســلمية بالعنف المســلح، وفتح المعسكرات، وتوزيع الملايين من قطع الســ ح، وتدويل القضية الليبية. كما انعكســت جذور الأزمة السياسية على الأمن الوطني الليبي وتشــابكت وتعقدت مهددات هذا الأمن؛ فأربكت صانع القرار السياسي، وعقّدت مراحل الانتقال السياسي، وأصبحت البلاد هشّة وعُرضة لمختلف أنواع التهديدات الداخلية والخارجية، وأصبح على الســلطة الجديدة عبء الإســراع في إعادة بناء مؤسســات الدولة وبالذات منها العســكرية والأمنية، والبدء في وضع اســتراتيجية وطنية شــاملة لتحقيق الاستقرار في أســرع وقت ممكن. فالاستقرار هو القاعدة التي على أساســها تســتطيع الدولة حماية أمنها الوطني من كافة التهديدات والأخطــار الداخلية والخارجية. لكن الطمع الداخلــي والخارجي والرغبة في التأثير وتوجيــه مجريــات مرحلة الانتقال راكمت المهددات الداخليــة والخارجية وأدخلت البلاد في صراع عسكري أفقدها القدرة على التحول نحو الاستقرار. مؤسسة ليبيا الغد التي قامت بالعديد من المناشط؛ منها: تشكيل لجنة لصياغة مشروع دستور، ووضع خطة اقتصادية واعدة، وأنشأ مؤسستين إعلاميتين مُنِحتا هامشًا من الحرية، وأسهم في إطلاق المعتقلين من جماعة الإخوان وأشرفعلى حوار مع الجماعة الإسلامية المقاتلة وأفرج عنهم. إلا أن المتشددين من قيادات اللجان الثورية أجهضوا هذا المشروع وأسهموا بشكل غير مباشر في سقوط النظام نتيجة تعطل هذه الإصلاحات.
106
Made with FlippingBook Online newsletter