كانت الكتائب التي أشرنا إليها تتمركز في مناطق حيوية من العاصمة، طرابلس؛ منها مقر جمعية الدعوة الإسلامية، وبه أهم المكاتب الحكومية، بما فيها مكتب رئيس الحكومــة، وبعض الــوزارات، وكذلك في مطار العاصمة، طرابلس. وقد أعادت هذه الكتائب إلى الخدمة كثيرًا من عناصر كتائب القذافي بطرق مختلفة. اســتفزت هذه الكتائب بممارســاتها، السلطة القائمة، وباقي الثوار في ربوع ليبيا وتكــررت هجماتها علــى المؤتمر الوطني العام مرات عدة، فقررت رئاســة الأركان ، " عملية الكرامة " التصــدي لهــذا التمرد وقمع هذه الكتائب التي أعلنت ولاءها لتمرد التي اقتصرت على إخراج الكتائب الموالية لحفتر من " عملية فجر ليبيا " وهنــا كانــت العاصمة، وإنهاء وجودها العســكري في محيطهــا، وتأمين المراكز الحيوية بالعاصمة طرابلــس، وكانــت اللبنة الأولى التي مهدت الطريق للتصــدي للإرهاب المتمثل في تنظيم الدولة الإســ مية الذي تسرب إلى مدينة ســرت، مستغّ الخلل الأمني الذي سبّبته عملية الكرامة، بالإضافة إلى الممرات الآمنة التي فتحها حفتر للتنظيم من أجل الوصول إلى مدينة سرت من مدينتي بنغازي ودرنة. ثم جاءت عملية البنيان المرصوص لتحرير مدينة سرت من قبضة تنظيم الدولة، وبــدً مــن أن يقوم حفتر باقتناص هذه الفرصة، وفتح صفحة جديدة بالمشــاركة مع السلطة في طرابلس في محاربة الإرهاب الذي يدعي أنه أعلن عملية الكرامة لمحاربته، فتح الطريق آمنًا أمام هذا التنظيم للانتقال بعناصره وعتاده من درنة وبنغازي إلى سرت التي اتخذها مركزًا له وأعلنها إمارة إسلامية، ولا يوجد تفسير لهذا الأمر سوى أن حفتر يريد تسليط التنظيم على خصومه في الغرب الليبي، من أجل إنهاكهم، وجعلهم لقمة سائغة له عندما يتفرغ لهم. عاود حفتر الكَرّة بالهجوم على العاصمة، طرابلس، في الوقت الذي كان الليبيون يستعدون لعقد المؤتمر الوطني الجامع، برعاية الأمم المتحدة في مدينة غدامس، فشن عدوانه على العاصمة قبل عشرة أيام من انعقاد هذا المؤتمر، فقتل الآلاف من الطرفين، وقصــف العاصمة بالطيران وصواريخ جراد، واســتعان بالمرتزقة الروس والجنجويد السودانيين وقوات المعارضة التشادية التي تنتشر في الجنوب الليبي، فدمروا المدارس وقتلوا الطلبة في الكلية العسكرية، والمهاجرين في مراكز الإيواء، وقصفوا المستشفيات والمساكن والمطارات والموانئ، ونهبوا أرزاق الناس واستباحوا حرمات المساكن. هــذا الهجــوم الأخير من حفتــر ردّ عليه الجيش الليبي والقوات المســاندة له،
114
Made with FlippingBook Online newsletter