وقاومه أيضًا بعض من دعموا حفتر في الســابق أو كانوا ضد عملية فجر ليبيا، بعدما تبين لهم أنه يصعب إيجاد أرضية يمكن أن يلتقي عليها الساعون لبناء الدولة الليبية، مع هذا الرجل وطموحاته السلطوية. تبيــن كل هذه الوقائع والشــهادات الواردة في هــذا الكتاب أن عملية فجر ليبيا كانت حلقة من حلقات التصدي لمشروع خليفة حفتر العسكري؛ فقد حاول الانقلاب على كل الســلط التي مرّت على ليبيا، منذ دخوله المؤسســة العســكرية؛ انقلب على الملكية مع القذافي، وحاول الانقلاب على القذافي مع الجبهة، ثم انقلب على الجبهة نفسها وأعاد الاتصال مع القذافي، وحاول الاستيلاء على السلطة أواخر أيام المجلس الوطني الانتقالي، قبل أن يعود محاوً السطو على السلطة من يد المؤتمر الوطني العام مرات عدة. 2015 و 2014 في وبعد توقيع الاتفاق السياسي في مدينة الصخيرات المغربية، في ديسمبر/كانون ، والذي شــارك فيه داعمون لخليفة حفتر، انقلب على الاتفاق السياسي 2015 الأول . وبعد هزيمته 2019 وحــاول الانقلاب على حكومة الوفاق بغزو العاصمة، طرابلس، الأخيرة في العاصمة ومحيطها، عاد إلى فكرة الانقلابات المتلفزة، فأعلن تولي السلطة في ليبيا، وإســقاط الاتفاق السياسي، والمؤسسات المنبثقة عنه، قبل أن يتراجع عمليّا ويقبل ببقاء البرلمان، أو بشكل أدق بقاء حليفه، عقيلة صالح، متمسكًا برئاسة البرلمان، الذي تعقد أغلبية أعضائه جلســاتها منذ مدة في العاصمة، طرابلس، رافضة مشــروع حفتر وحلفائه. هذا التذكير بمســار خليفة حفتر، لا يجعل عملية فجر ليبيا في ســياقها الطبيعي، ويوضح شــرعيتها من الناحية القانونية فحســب، ولكنه كذلك يرســم صورة متكاملة وبشكل دقيق للصراع القائم في ليبيا من زاوية محددة وواضحة، هي أن جوهر العملية هو صيانة الأمن الوطني الليبي؛ وأن الصراع القائم في ليبيا هو بين من يريد دولة تُبنى على أساس توازن السلطات، وتحقق حدّا مقبوً من العدل والحريات، وحسن إدارة الموارد والثروات، وبين من يريد ديكتاتورية عســكرية لا تخضع للمســاءلة، وتستأثر بالثروات، ولا تقيم وزنًا لقيمة الإنسان.
115
Made with FlippingBook Online newsletter