العدد 6 – يوليو/ تموز 2025

77 |

مقدمة تشترك الصحافة الاستقصائية والبحث العلمي في العديد من المبادئ الأساسية، على الرغم من اختلافهما في الســياقات والتطبيقــات وقوالب التقارير التي تُُعْْرََض فيها. فالصحافة الاستقصائية، مثلها مثل البحث العلمي، وسيلة فعََّالة للكشف عن الحقائق والمعلومــات التي قد تكون مخ يفة، أو مُُض ََلِِّلََة، أو ناقصة، من خلال البحث العميق والتدقيق في الأدلة واســتكمال البيانات والمعلومات. وتتمتََّع الصحافة الاستقصائية س ـ ُِبُها ح ُُج ِِّيََتها ومََرْْج ِِعِِيََّتها في المجــال العام؛ إذ تُُمثِِّل �ْْ وهو ما يُُك " بســلطة معرفيــة، عملية كشــف ورقابة لأداء الأفراد والمؤسسات والهيئات، وقد تنجح الاستقصاءات -علــى الأقــل- في لفت الانتباه وإدراج القضية على جداول الاهتمام الرســمي أو ). وفي المقابل، فإن البحث العلمي يكتسب احترامًًا راسخ ًًا؛ لأنه يسعى 1 ( " الشــعبي إلى فهم الواقع وحل المشكلات، وتطوير القدرات، بما يُُج ََنِِّب الناس المعاناة ويُُحقِِّق لهم المزيد من الرفاه والسعادة، وهو أيض ًًا إِِن لم ينجح في تحقيق أهدافه أحيانًًا، فإنه يحمل في طياته وََعْْدًًا بالمزيد من المحاولات حتى تحقيق النجاح. وتبــدو العلاقة وثيقة بين البحث العلمي والعمل الصحفي الاســتقصائي في التنظيم المنهجي لكلا النشاطين، والتََّحقُُّق الدقيق من الوقائع، والتعامل بمنتهى الموضوعية. ويشترك كلاهما في السعي إلى تحد ِِّي الوضع الراهن في العلوم والمعرفة؛ إذ يبحث العلماء والباحثون عن معلومات جديدة، أو طرق جديدة، لتفسير الظواهر والبيانات. وكثيًرًا ما تتحدََّى نتائج الأبحاث العلمية النظريات الســابقة أو المفاهيم الراســخة. وبالمثل، يســعى الصح يفون الاســتقصائيون إلى كشــف معرفي جديد قد يتمثََّل في كشــف الفســاد، أو التلاعب في الحقائق التي قد تكون مخ يفة أو مشوهة. أما النقد فهو عنصر أساســي في كلا الحقلين، ففي العلوم، يُُعََد النقد البنََّاء من قِِبََل المجتمع العلمــي جزءًًا مهم ًًّا لتطوير البحث العلمي وترقيته؛ إذ يُُراج ِِع الباحثون عمل بعضهم البعض، ويختبرون النتائج للتأكد من صحتها. وفي الصحافة الاســتقصائية، يتوجب على المعنيين فحص التقارير بصرامة قبل تأكيدها ونشــرها لضمان دقتها وصحتها؛ إذ يتحمََّلون، بجانب المؤسســة الإعلامية الراعية للتحقيقات، المســؤوليَة القانونية والأخلاقية والمهنية في نشر معلومات وأخبار تُُعْْوِِزُُها الدقة.

Made with FlippingBook Online newsletter