كتاب الجزيرة 25

أبطال في غياهب النسيان

الكثير منهم لعقوبات تأديبية تعسفية ترقى إلى حد الوحشية، رغم تجريم الجيش البريطاني وقتها للعقاب الجسدي. إلا أن العذاب الأكبر الذي تعرض له أولئك الجنود جاء بعد الحرب، إذ تركوا جميعاً في غياهب النسيان بعد أن ضحوا وخاطروا بحياتهم لمصلحة الحلفاء. تقوم بريطانيا بعد تسريح جنود وضباط الجيش بدفع راتب تقاعدي لهم، أو لأسرهم في حال الوفاة على جبهة القتال. وها هي بريطانيا مجددا تضع سعراً متدنياً لحياة العسكري الأسود، حيث يبلغ راتب تقاعد الأبيض خمسة أضعاف راتب الأسود وإن تساووا في الرتبة العسكرية.

أبطالفيغياهب النسيان مدير البرامج الاستقصائية في الجزيرة الإنجليزية | ديارمويد جيفري

أحياناً تُطرح عليّ أفكار تجعلني أعتقد أن هذا الفيلم سيكون الأفضل على الإطلاق، لا لأنه سيحصد جوائز إعلامية عالمية، بل لأنه سيصنع الفارق في عالمنا المعاصر، حتى وإن كان الفارق هو أن الجزيرة هي الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي طرقت هذا الباب وسبرت أغوار هذه القصة دون غيرها. ، قدم المنتجان المستقلان اليساندرو بافوني وجاك 2018 في أواخر عام لوش اقتراحاً لإنتاج وثائقي عن الظلم التاريخي الذي تعرض له الجنود الأفارقة الذين حاربوا تحت لواء الجيش البريطاني إبان حقبة الاستعمار. فخلال الحرب العالمية الثانية، حشدت بريطانيا جيشا كبيراً من الجنود الأفارقة من مستعمراتها لقتال جيوش دول المحور: ألمانيا وإيطاليا واليابان على جبهات مختلفة في العالم. ولكن هؤلاء الجنود منسيّون اليوم تماماً. أقحم نحو نصف مليون جندي من هؤلاء في أتون حرب قاسية، تحت شمس الصحراء الحارقة، أو في الأحراش بعيداً عن موطنهم، وكان لهم دور محوري في الانتصارات التي حققتها دول الحلفاء وهزيمة هتلر وموسوليني ووقف الزحف الياباني في آسيا. تعرض هؤلاء الجنود لتمييز عنصري مستمر، خلال الحرب وإلى يومنا هذا. فالجنود الأفارقة السود كانوا يحصلون على رواتب تقل عن رُبع ما يحصل عليه الجنود البيض. ليس هذا فحسب، بل تم إخضاع

لا شك أن مقترحات البرامج أكثر بكثير من المساحات الزمنية المخصصة لها، فكل يوم تأتيني اقتراحات جديدة: هذا منتج وجد فرصة للتصوير خلف الكواليس مع أحد مرشحي الرئاسة في بوليفيا، وآخر عثر على دليل يربط بين تعدين الكوبلت في الكونغو والتشوهات التي تصيب الأطفال هناك، وثالثٌ يطرح تغطية محنة اللاجئين من خلال خوض رحلتهم المحفوفة بالمخاطر على قارب مطاطي من ليبيا عبر المتوسط. خلال أكثر من عقد، كنت مسؤولا عن اعتماد الأفلام الوثائقية لصالح )، ولهذا مرّ علي كثير People & Power – سلسلة (الناس والسلطة من الأخبار والقصص خلال تلك الفترة. قمنا بالاستقصاء عن العديد من القضايا المهمة، بدءاً من استغلال ذوي الاحتياجات الخاصة في رومانيا، مروراً بتبعات القصف الروسي في سوريا، ووصولاً إلى أثر الأخبار المفبركة عن الانتخابات في الهند. في كثير من الأحيان يضطر صحفيونا لإخفاء هويتهم واللجوء إلى التصوير السري. وفي أحيان أكثر تعرضوا للاعتداء والضرب، وأُلقي القبض على بعضهم وتم ترحيل عدد منهم. كما تعرض بعضهم لإطلاق النار، ولكنهم في الغالب -بعد جهد كبير وتضحيات أكبر- كانوا يحصلون على نتائج وخلاصات مهمة، غ ّت من سير الأحداث في العالم.

101

100

Made with FlippingBook Online newsletter