كتاب الجزيرة 25

عرس ديمقراطي لم يكتمل

عرس ديمقراطي لم يكتمل مديرة مكتب الجزيرة في موريتانيا | زينب بنت أربيه

والمسؤولون في حكومته والصحفيون في الإعلام الرسمي وفي ديوانه كانوا مترددين في لقاء فريق الجزيرة دون الإفصاح عن الأسباب، ومع كثير من الأسئلة حول توقيت وصولنا والمقابلات التي أجريناها ومكان الإقامة وموعد المغادرة وجنسيات أعضاء الفريق. وهذه حسب تجربتنا أسئلة غير مطمئنة. أجرينا مقابلة حصرية مع الرئيس المنتخب آداما بارو تحدث فيها عن الاستراتيجية التي سينتهجها لإحداث التغيير المنشود. انتهت مهمتنا وخططنا للعودة لاحقا لتغطية حفل تنصيب الرئيس المنتخب. لكن الأمور في غامبيا تطورت على نحو استدعى تمديد الإقامة. فبينما كنا في بهو الفندق لإنهاء إجراءات المغادرة، لفت أحد العاملين فيه انتباهنا لكلمة يلقيها الرئيس يحيى جامي. لقد قرر عدم الاعتراف بالنتائج وتعهد بتنظيم انتخابات أخرى. كان يتحدث بثقة من مكتبه في الرئاسة عبر التلفزيون الرسمي. تواصلنا مع الزملاء في الدوحة لإبلاغهم بالمستجدات. وانتابنا القلق بعد هذه الانتكاسة التي شهدها عرس ديمقراطي لم يكتمل. أوصانا مدير التخطيط حينها الزميل محمد صافي، بتوخي أقصى درجات الحيطة والتواصل مع السفارة الموريتانية، وإخباره بكل جديد.

خبر غير مألوف في إفريقيا: رئيس أمضى اثنين وعشرين عاما في الحكم يعترف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية ويهنئ الفائز! . ولأن الخبر لا ينتظر فقد كلفت 2016 كان ذلك مطلع شهر ديسمبر ضمن فريق ضم المصور محمد الشيخ بيدار وأحمد الأمين مراسل الجزيرة نت بمتابعته. توجهنا على عجل إلى غامبيا، حيث أعلن فوز المرشح آداما بارو في الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية على 1994 منافسه يحيى جامي الذي وصل الحكم بانقلاب دموي عام وفاز بعدها في كل الانتخابات التي شهدتها البلاد. في الطريق من المطار إلى الفندق لاحظنا بقايا حملة انتخابية شرسة تعكسها صور المتنافسين على كرسي الرئاسة على أعمدة الكهرباء والمباني والسيارات وعلى ملابس بعض المارة. بدأنا العمل بكل حماس. وكانت مقابلاتنا المباشرة فرصة لوضع مشاهدي الجزيرة في الصورة. نزلنا إلى الميدان، التقينا بالمواطنين، وقابلنا طلاب جامعات وعاملين في مجال حقوق الإنسان ونساء كادحات وعاطلين عن العمل ورجال أعمال. وكان للطيف السياسي بطبيعة الحال نصيب في النشرات الرئيسية وفي المقابلات. بدت مشاعر الغامبيين مرتبكة. بعضهم يخشى أن يستيقظ على كابوس لاعتقاده أن يحيى جامي، الذي لم يعرفوا رئيسا غيره منذ عقدين من الزمن، لا يمكن أن يتقبل الهزيمة بهذه السهولة. بينما قال لنا آخرون إن هذه الهواجس غير مبررة. لم تتسن لنا مقابلة أنصار الرئيس المنتهية ولايته. فالوزراء

129

128

Made with FlippingBook Online newsletter