كتاب الجزيرة 25

ثورة الكنداكات

روت «سعدية محمد علي» عن ابنها المفقود «أحمد محمد محمود» الذي قالت إنه كان من المعتصمين في ميدان الاعتصام من يوم التاسع من رمضان. كان معتاداً على الذهاب للميدان والعودة للمنزل يوميًا، ثم بدأ منذ التاسع عشر من رمضان يبيت في الميدان، إلى يوم فض اعتصام القيادة العامّة فيما عرف بمجزرة القيادة وراح ضحيته 2019 العامة، يوم الاثنين الموافق للثالث من يونيو عشرات القتلى ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين. وقد قدر عدد المفقودين وقتها بعشرين شخصا، وفق مبادرة «مفقود» السودانية، التي تمكنت من معرفة مصير أربعين آخرين بعد جهود بحث في مراكز الاعتقال والمستشفيات. وكانت الغصة

ثورة الكنداكات مذيعة في قناة الجزيرة الإخبارية | ميادة عبده

الثالث من التغطية، التي -وكعادة الجزيرة- جذبت المشاهد. اضطررت للهروب ركضا على الأقدام لمسافة طويلة حتى وصلنا إلى مبنى مكتب الجزيرة تاركين وراءنا أجهزة البث والكاميرات. يوما قسمت على فترتين، فترة الثورة 47 عملي تمثل في مهمة لمدة نوافذ يوميًا من الميدان ٤ وفترة انتصارها، قدمت فيها ما معدله رصدت، فيها حراك الميدان والتحركات السياسية وأوضاع السودان واستضفت أبرز الشخصيات السياسية السودانية الفاعلة في الثورة وواكبت مراحلها حتى اختيار رئيس وزراء الفترة الانتقالية وتشكيل الحكومة. غطيت المآسي التي خلفها حكم العسكر قبل وأثناء الثورة، والانتهاكات التي حدثت. كان من أبرزها نافذة المفقودين، تزامنًا مع اليوم العالمي للمفقودين، التي استضفت فيها أم مفقود، وكانت من ضفاف نهر النيل حيث ألقيت جثث القتلى على يد عناصر مسلحة من الجيش. سلطت الضوء على معاناة هذه الأم في رحلة بحثها عن ابنها، ومناشدتها للجهات الحكومية والأمنية، واستضفت في ذات النافذة متطوعًا في مؤسسة تشكلت من الثوار لمساعدة أهالي المفقودين .

ديسمبر من 19 كانت شرارة ثورة أخرى في تاريخ السودان، تتقد في ، ولكن هذه المرة ضد نظام عمر البشير العسكري، الذي 2018 عام وبدأت بعده مرحلة انتقالية. 2019 من إبريل 11 خلع في هذه الثورة وصفت بثورة الكنداكات، والكنداكة هي ملكة نوبية، وجاءت هذه التسمية لدور لافت وبارز جداً لعبته المرأة السودانية في ميادين الاعتصام، تحدت فيها كل الظروف الصعبة والمخاطر في مواجهة القبضة الأمنية.. وهنا كانت تجربتي بوجهيها كفتاة سودانية وكمذيعة، حيث تركت استوديوهات القناة في قطر وسافرت إلى السودان. نزلت إلى ميدان الاعتصام في الخرطوم، رغم توصيات إدارة الأخبار بالابتعاد عن المخاطر المتوقعة. لكن الصحفية في داخلي لم تستطع مقاومة الميدان لنقل وتغطية الثورة من مختلف جوانبها، ومن ضمنها مشاركة المرأة فيها، آمالها، وطموحاتها، ومساهماتها، ومعاناتها نتيجة ما تعرضت له. استضفت أم شهيد وأم مفقود وناشطات وقياديات، ووجدت نفسي في قلب التحديات والمخاطر التي واجهنها في الميدان، لتضاف لها بطبيعة الحال مخاطر ترتبط بكوني إعلامية في قناة معروفة تغطي الثورة على نظام البشير، الذي لم يسقط بعد. تعرضت وفريق التغطية لهجوم مدفوع الأجر من مجموعة داخل ميدان الاعتصام، تزامن مع حملة تحريض إلكترونية، عقب اليوم

181

180

Made with FlippingBook Online newsletter