كتاب الجزيرة 25

ثورة الكنداكات

بأثر ما لأحمد على قيد الحياة، لكن ذلك لم يحدث. وكم من أمثال أحمد وأم أحمد وزوجة أحمد ينتظرون، وما أقسى هذا الانتظار. حتى هذا اليوم، ما زالت أسر لا تعرف مصير أبنائها، لا تعرف أتبكيهم مسلّمة أنهم ماتوا، أم تبقي أملا متقدا أنهم بخير في مكان ما. وما تزال حكومة الفترة الانتقالية خالية الوفاض من أجوبة تريح قلوب ذوي المفقودين. كانت تلك قصة من قصص كثيرة حملتها الثورة التي عايشناها ونقلناها على شاشة الجزيرة التي تبقى مع الإنسان وتظل «صوتا لمن لا صوت له»

التي خنقت كلمات أم أحمد، وهي تروي وجع فقدها، أصدق تعبير عن حال ذوي المفقودين، وكان وقعها في قلوبنا مؤلما جداً. أخبرتنا وقتها أم أحمد أن لا أحد اهتم بمتابعة قضية المفقودين من السلطات، لا أحد سوى مبادرات شبابية من الثوار الذين أمسكوا بيدها ورافقوها في رحلتها القاسية للبحث عن ابنها. تروي سعدية كيف دخلت مشارح المستشفيات، وعاينت الجثث وهي تدعو ربها ألا تجده جثة هامدة بينها، رغم صعوبة ألا تعرف عنه شيئا، وكيف كانت تبحث من مركز أمني لآخر أملا في أن يكون بخير، وكيف صُدت مرارا وتكرارا بردود جامدة لا تلقي بالاً للألم الذي يعتصر قلبها. بذات الوجع تقول إن أحمد زوج وأب لطفل تحمله زوجته في بطنها، وكأنها تروي قصة مريرة أخرى لزوجة تعاني قهر الفقد والوحدة والخوف. قالت في ختام حديثها: «ما لقينا ليهو أي أثر يا بتّي»، تلك الكلمات ما زال وقعها كصخرة تطحن قلبي فما بالك بقلبها هي المكلوم. كنت أتمنى عندما انتهت النافذة أن تنهال علينا الاتصالات المب ّة

183

182

Made with FlippingBook Online newsletter