كتاب الجزيرة 25

في نيويورك: الشارع لمن؟

دخلت نيويورك، التي تلقب بـ «المدينة التي لا تنام»، في سبات عميق بعد جائحة كورونا. وأصبح لزاماً على من يمكنهم العمل من المنازل البقاء في بيوتهم، للحد من انتشار هذا الكائن الغامض. وباتت الدراسة عن بُعد. وتوقفت دور المسرح والسينما في برودواي عن العمل. وأصبح بمقدور أحدهم أن يقود سيارته في الاتجاه المعاكس على الطريق السريع في ساعة الذروة دون أن يخشى الاصطدام بسيارة أخرى. ولأول مرة توقفت جميع أشكال النشاط الاجتماعي وأُغلقت المطاعم، باستثناء محال البقالة والمستشفيات والعيادات الطبية التي اصطفت أمامها الحشود لإجراء اختبارات الفيروس. كنت أغطي دائماً الأحداث السياسية من الميدان بصفتي مراسلة الجزيرة في نيويورك، وكانت هذه أول مرة أرسل فيها تقاريري من المنزل. ورغم عدم وجود اشتباكات مسلحة أو قنابل متفجرة أو إطلاق نار في الخارج، كنت أشعر بأنني في وسط معركة حامية الوطيس. فالفيروس يتربص بنا في كل زاوية. وفي مساء كل ليلة يخرج الناس إلى الشرفات لتحية العاملين في مجال الرعاية الصحية. عدا ذلك لا نسمع على الطرقات سوى أصوات سيارات الإسعاف التي تجوب المدينة. تحولت مدينة نيويورك إلى بؤرة للفيروس الفتاك، وأصبحت الجائحة الخبر الرئيسي الذي نغطيه ليل نهار. وأثر الوباء على طريقة تغطيتنا للأحداث، فقد كنت أبث التقرير اليومي لأعداد الوفيات والإصابات عبر كاميرا مثبتة على سطح منزلي، في حين يتابع أولادي دراستهم عبر الإنترنت من المطبخ.

في نيويورك: الشارع لمن؟ مراسلة الجزيرة الإنجليزية بنيويورك | كريستين سالومي

189

188

Made with FlippingBook Online newsletter