كتاب الجزيرة 25

عيون زرقاوي

كان يركض وراء الكرة وصوته يملأ المكان. صوت طفل في الرابعة من عمره. صغير جدا كي يسمع عن كرات السياسية والنزاعات ومحنتها. كيف وأين ترمي به وبغيره. الشهر رمضان والطقس حار والطريق إلي بيت الطفل اليتيم زرقاوي قصة أخرى. كابل متحف مفتوح على كل ما فعلته الحروب بالحجر والبشر وبحياة كان يمكن أن تكون مختلفة لولا أشياء كثيرة وقرارات عبثية تلعب بمصائر الشعوب حتى هذه اللحظة. لفت انتباهي كبر ولون عينيه الخضراوين ومشكلة في إحداهما. قررت أن أناديه زيدان، ربما بسبب الكرة أو لأنني كنت أتمنى له حياة أخرى مثل النجم زين الدين زيدان. أعلم أنه ليس من حقي ولكنني فعلا تمنيت له اسما آخر، ربما ورثت عن جدتي اعتقادها الراسخ أنه ثمة أسماء فالها خير وأخرى تكتب لصاحبها الشقاء. في النهاية، لن يصيب المرء إلا ما كتب الله له. كتب للزرقاوي الأفغاني أن يكون الناجي الوحيد من اقتحام القوات الأمريكية لبيتهم الواقع في هود خيل على الطريق السريع بين كابل ومناطق شرقي البلاد. اختصر علي حينها الزميل، الصديق حميد الله- المنتج بمكتبنا- وقال لي في طريق جلال آباد: قتل جنود الجيش الذي غزا البلاد والدة زرقاوي ووالده وأخته وأخاه. لم تكن عملية «جراحية» ضد مسلحي طالبان بل قتلا بالجملة، يسمونه قتلا عن طريق الخطأ. خطأ في المعلومات والجهة المستهدفة وأسلوب إدارة العملية العسكرية. هذا النوع من «الأخطاء» المتكررة لم يصحح يوما ولم يحاسب عليه أحد. غادروا المنزل بعد أن تأكدوا من عدم وجود مسلحين أو ذخيرة تاركين وراءهم أربع جثث وطفلا يتيما آخر في زمن الوجود الأمريكي بأفغانستان.

عيون زرقاوي منتجة أخبار في قناة الجزيرة الإخبارية | مريم أوباييش

257

256

Made with FlippingBook Online newsletter