كتاب الجزيرة 25

اطلبوا العلم في الجزيرة

كان علينا أن نواكب هذا التغيير الحاصل في العالم العربي ببرامج مبتكرة تتجّه للشباب الذي يملك رغبة جارفة في خوض غمار مهنة الصحافة. ولكنّ السؤال المحوري كان: كيف نصل إلى أكبر عدد ممكن من الراغبين في التعلّم في ظلّ القيود الكثيرة التي تعرقل وصولهم إلينا؟ وأكاد أجزم أن كل خططنا منذ سنوات هي محاولة للإجابة على هذا السؤال.

اطلبوا العلمفي الجزيرة مدير معهد الجزيرة للإعلام | منير الدائمي

جاؤوا جمعياً محملين بآمال عريضة وأحلام بتغيير واقعهم الشخصي أو إفادة مؤسّساتهم ومجتمعهم. ليست كل التجارب سواء. فقد مرّت بنا خلال السّنوات الماضية كثير من قصص التضحية التي بذلها شباب يعتريهم شغف الصّحافة وحب التعلّم حتى يصلوا لقطر، ويلتحقوا بدورات معهد الجزيرة للإعلام. ورغم محاولاتنا العديدة أن نعرف مثل هذه الحالات، فنخصم من رسوم الدورات أو نوفّر لها منحًا إلا أنّ ذلك لا يحلّ المشكلة من جذورها. فهناك في العالم العربي آلاف من الشباب العربي الذين يحدوهم الأمل والرغبة الجارفة في تغيير واقعهم، لكن يتعذّر عليهم الوصول إلينا. عندما انطلقت ثورات الربيع العربي، زاد اهتمام الشباب بالإعلام، لأنّهم شعروا أن الإعلام الرسمي القديم لا يمكن أن يَصْلُح، وأنّه حتى تتغّ مجتمعاتهم يجب أن ينجحوا في إدارة إعلام مهني وعصري قريب من نبض النّاس وهويّتهم. لم يكن هناك أفضل من الجزيرة لتحقيق كلّ ذلك، فهي النموذج المنشود.

عندما تجول في أرشيف معهد الجزيرة للإعلام، تجد صورا كثيرة تحكي قصص متدرّبين جاءوا من أنحاء شتى من العالم يطلبون العلم في مؤسّسة الجزيرة التي ملأت الدنيا وشغلت الناس. وفي حفل تخرج المشاركين في إحدى الدورات، استأذن طالبان قدما من الصين في أن يغنيا باللغة العربية لإظهار امتنانهما للمدرّب والمتدرّبين. غنى أحدهما أغنية للمطرب اللبناني راغب علامة بينما غنت زميلته أغنية لفيروز. أديا الأغنيتين ببراعة، وبلغة عربية سليمة أثارت إعجاب الحضور. ما شدّ انتباهي ليس حسن الأداء، بل سعي هاذين الشابّين الصّينيين لتلقّي العلم في معهد الجزيرة للإعلام، وسفرهما مسافة طويلة للمشاركة في دورة تدريبية في التقديم التلفزيوني باللغة العربية. لم يخب مسعى المتدرّبين الصينيين، فقد تم تعيينهما مذيعين في مؤسّسة إعلامية صينيّة ناطقة باللغة العربية. قصص نجاح كثيرة مرّت من بوابة المعهد، فلا تكاد تجد مؤسّسة إعلاميّة عربيّة لم يمرّ صحفيوها ومذيعوها وحتى فنّيوها بمعهد الجزيرة. بعضهم يأتي مبتعثا من مؤسّسته، والبعض الآخر يأتي بصفة شخصيّة، متحمّلا عنت السّفر ومشاقّ التكاليف العالية. ولكنهم

343

342

Made with FlippingBook Online newsletter