التاريخ من زوايا متباينة
عكفنا على دراسة الفكرة، وكرسنا لها ما يلزم من وقت وجهد بدعم كبير من فريق العمل بالجزيرة الوثائقية. حرصت الجزيرة على أن تسخر لنا كل الإمكانات لضمان ظهور العمل وفق أعلى المعايير العالمية. وأخيراً، حظيت بشرف تقديم الفيلم في أول عرض له في دار العرض الخاصة بمتحف قطر الوطني في الدوحة. وانطلاقاً من الثقة التي بنيناها وعززناها بالفهم الواعي، واصلنا رحلة التعاون المشترك في إنتاج أفلام أخرى بعد النجاح الذي حققه «الشقب» وبدا الأمر وكأننا قد وضعنا خطة لهذا التعاون قبل رُبع قرن من الزمن. قمنا معاً بإنتاج سلسلة أفلام وثائقية حول أفغانستان، حاولنا من خلالها صُنع المستحيل: سرد الوقائع من مختلف الزوايا لحرب دامت نحو أربعين عاماً ودارت رحاها بين عدة أطراف هي الأفغان والشيوعيون الروس والمجاهدون ومقاتلو طالبان، إضافةً إلى الأطراف الداعمة من الغرب. لقد حرصنا على أن نوصل صوت النساء الأفغانيات، ولم يكن لهذا العمل أن يرى النور لولا المناقشات المستفيضة والفهم العميق إضافةً إلى الدعم الكبير من الجزيرة الوثائقية. قدمنا للعالم سلسلة متميزة من الأفلام الوثائقية عن أفغانستان بفضل تعاون كل من الجزيرة الوثائقية و(لوكسفيلم) و(إن دي آر) وكذلك (ايه آر تي ئي) والتلفزيون الروسي وغيرهم.
التاريخ من زوايا متباينة مؤسس ومدير (لوكسفيلم) | غونار ديديو
، تلقيت مكالمةً هاتفية من قناة الجزيرة الوثائقية. 2017 وفي العام ساعتها حان دوري كي أقوم بتوجيه الدعوة هذه المرة. وبالفعل، استقبلت في استوديوهاتنا في (لايبزيغ) اثنين من منتجي قناة الجزيرة الوثائقية. تحاورنا باستفاضة حول فنيات إنتاج الوثائقيات، لاسيما أننا جميعاً درسنا منهج المجلس الأوروبي لمرشحي الدكتوراه ). وتطرق النقاش إلى الأبعاد E URODO C( والباحثين المبتدئين الفنية والجمالية لمختلف صنوف الأفلام الوثائقية. بعدها تم طرح مشروع عكفت الجزيرة الوثائقية على تنفيذه، وهو مشروع «الشقب»، الذي يجسد فلسفة شركتنا (لوكسفيلم): دراسة الماضي لبناء المستقبل. قدمت شركتنا مقترحا لتنفيذ هذا المشروع، ولاقى المقترح قبولاً ليتم بعد ذلك ترسية المشروع علينا. كانت هذه بداية لمشوار طويل من التعاون الوثيق بين لايبزيغ والدوحة، وانطلاقة لمدّ الجسور بين ثقافة كل طرف ومنظوره للتاريخ والأحداث. لقد كانت الفكرة تتمحور حول فيلم متكامل من جميع الجوانب، يربط تاريخ قطر بحاضرها.
شهدت سقوط جدار برلين من الناحية الشرقية، فقد 1989 في عام وُلدت وترعرعت في ألمانيا الشرقية، وكانت تلك اللحظة الفارقة التي أدركت فيها أن أي حدث يقع على مر التاريخ يمكن تأويله تأويلات مختلفة استناداً إلى منظور صاحب الرواية التاريخية. لقد كانت لحظة مؤثرة في حياتي، أسوق لكم جانباً واحداً منها وهي قراري بأن يتحول شغفي بإنتاج الأفلام الوثائقية إلى مهنة احترافية. والهدف وراء ذلك ببساطة هو مساعدة الناس على فهم التاريخ من خلال عرض الأحداث والوقائع التاريخية من جميع الزوايا. ، جمعتني الظروف بأحد عشاق صناعة الأفلام 2001 وفي مارس عام من الجزيرة في مدينة كان الفرنسية، والذي تكرم بدعوتي لزيارة دولة قطر. بعدها بشهرين حطت قدماي في الدوحة وتوجهت مباشرةً إلى مقر قناة الجزيرة حيث استُقبلت بكل حفاوة. «سنشرعفي تأسيسقناة متخصصةفي الأفلام الوثائقية، وبالتاليعلينا أن نتعاون في هذا المسعى.» تلك هي الرسالة التي وُجهتلي. لن أنسى الاستقبال الحار والنقاش الذي دار بيننا حول أفغانستان آنذاك، حيثقيل لي إن للجزيرة مكتباً في كابل، إن كان هذا الأمر يهمني يوماً ما.
411
410
Made with FlippingBook Online newsletter